في استطلاع للرأي عن أهم العوامل المؤثرة في قرار الناخب الأمريكي جاءت الاعتبارات الاقتصادية في المقدمة، وهذه نتيجة متوقعة، خاصة في وجود دراسات أوضحت أن الرؤساء الموجودين على رأس السلطة المرشحين لفترة رئاسية ثانية غالباً ما يتبنون سياسات اقتصادية يتوقع منها أن تترك آثاراً إيجابية زمن الانتخابات على الناخبين بغية التأثير على أصواتهم، ولا تختلف الصورة في الدول النامية كثيرة إلا في بعض المظاهر، فالسبب الرئيس فيما يعرف بثورات الخبز التي تنشأ من حين لآخر هو زيادة أسعار بعض السلع وما تتركه من آثار سلبية على مستوى المعيشة، يدعم هذا ما يشاهد في الحملات الانتخابية في الدول النامية من الوعود التي تطلقها الأحزاب المتنافسة والتي تتمحور حول القضايا الاقتصادية وتحسين مستوى المعيشة، وما يصاحب تلك الحملات من توزيع إعانات نقدية أحياناً وعينية أحياناً أخرى على المرشحين وإقامة الولائم والمآدب.
ولذا فلا غرابة، إن اعتبر الأمان الاقتصادي الشخصي أحد أعمدة الاستقرار الاجتماعي والأمني والسياسي في المجتمع، ويتمثل الأمان الاقتصادي الشخصي في الحصول على مستوى معيشي ملائم سواء عن طريق العمل لمن يقدرون عليه، أو عن طريق برامج الرعاية الاجتماعية لغير القادرين، أو لمن لم يتمكنوا من الحصول عليه، علاوة على ضمان تكافؤ الفرص للجميع.
ويرتكز المفهوم الدقيق للأمان الاقتصادي الخاص بكل مجتمع على مجموعة القيم والثوابت السائدة والإمكانات المادية المتاحة ومستوى المعيشة الذي يمكن أن تتيحه.
وقد أدرك التشريع الإسلامي أهمية توفير الأمان الاقتصادي في تحقيق الاستقرار في المجتمع، فكان مطلباً رئيسياً نادى به، وكان التعليل هو حماية المجتمع وصيانته من حالة عدم الاستقرار العام التي يولدها عدم الشعور به أو غيابه، وقد سن لذلك منظومة من الأدوات والبرامج والقوانين التي تضمن وجوده ابتداء وتصحح ما قد يقع من خلل..
وإذا كان الاستقرار الاقتصادي الشخصي ليس مقصوداً لذاته فحسب، وإنما لما يمكن أن يحققه من مكاسب للمجتمع أيضاً، فإن الإنفاق عليه ربما ينظر إليه على أنه إنفاق استثماري ذلك أن هذه النظرة تساعد على دعم البرامج والاجراءات التي تسعى إلى تحقيقه.
كثير ممن يناقش هذه القضية يرى في عدم الشعور بالأمان الاقتصادي على المستوى الشخصي عاملاً أساسياً أو مساعداً في إحداث حالة من الاضطراب في المجتمع، ولعل أحد جوانب الحل يكمن في إعطائه ما يستحق من اهتمام.
| 
"الاقتصادية"