Tuesday 6th July,200411604العددالثلاثاء 18 ,جمادى الاولى 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

حين تأكل النار الحقيقة حين تأكل النار الحقيقة
سعود سعد الصعب - الرياض

يعود الاب من مشواره وعلامات الأسى تجتاح وجهه..
فلم يعد هناك أمل في ان يكسب حقه..
أدلة ناقصة.. لا وجود لحجة إثبات قاطعة.. ومحامٍ يرفض الترافع للقضية.. لعدم كفاية الأدلة..
وذلك يعني بقاء الابن الأكبر في سجنه.. حتى إشعار آخر.. ومن يعلم ما هو الحكم؟؟
قد يبقى حياً مسجوناً.. أو ميتاً مقبوراً..
يلتفّ الأب حول أبنائه المذهولين لرؤيته بهذه الصورة.. فقد كان أملهم كبيراً في أن تكتمل أدلة هذه القضية.
نظرة إشفاق من الزوجة.. تقابلها ابتسامة بؤس من الزوج.. الابن الأوسط يتطلع بشجاعة بحثاً عن فكرة تثبت أنه أصبح كبيراً وبامكانه أن يجد حلولاً لمشاكل الأسرة.. والابنة الكبرى تتطلع للموقف وكأنها تدرس شخصية كل منهم من خلال هذا الموقف..
يعاود الأب التفكير.. وصدى داخلي يقول.. الأوراق ناقصة.. لا وجود لدليل الإثبات.. ما العمل..؟؟ لا يعلم..
يكمل الأب ساعات الأسى ودقائق الأمل المفقود بين أبنائه..
يتجول في غرفة ابنه الأكبر.. قد تكون هي المرة العشرين التي يتجول فيها..
يحيي بعض الذكريات.. يحاول البحث عن امل لتمتلئ الغرفة وتنير بضوء الابن المظلوم..
يجلس على مكتب ابنه.. يقلب دفاتر المحاضرات.. بين صفحة وأخرى وبين رف وآخر..
ينظر إلى أحد الدفاتر.. يبدو مظهره قديما..
يقلب الدفتر.. انفتحت الصفحة تلقائياً.. ورقة مندسة بين الصفحات..
يندهش الأب..
الكلام المكتوب قد يكون حجة إثبات.. إنه الحقيقة.. الحقيقة الخافية على الجميع.. أخيراً وجدها..
ينظر الأب إلى الكلام المكتوب بامعان شديد.. ثم يسرع بأمر لاجتماع العائلة.. ينتهي الاجتماع .. ثم يتصل بالمحامي .. فيبشره المحامي بحجية الورقة ودلالتها.
يضع الأب الورقة في غرفة النوم.. استعداداً بها إلى المحامي في الغد.. والأمل والسعادة تملأ البيت وتنتشر في نفوس العائلة.
تمر الساعات.. السكون يجتاح المكان.. والليل ينثر أسراره في هذا البيت.. العائلة في نوم عميق..
التماس في إحدى الغرف.. شرارة.. ثم نار.. وحريق.. ودخان..
اتصال إلى الدفاع المدني.. يتطلع الجميع إلى حضوره السريع.. تطلع أقرب إلى الأمنية أو المعجزة في تحقيقه..
دخان كثيف.. ضيق في التنفس.. الأب يجمع أبناءه ويخرج سريعاً.. الابن الصغير في حالة اختناق..
النيران تنتشر في البيت.. وبعض أفراد الدفاع المدني منتشرون في غرفة إعداد الشاي.. والبعض الآخر احياه ضميره لمتابعة ما تلقاه من بلاغ..
يجمع الأب ابناءه في الخارج.. ثم يدخل إلى بيته لإخراج ما هو ضروري استخراجه..
يبحث في كل مكان.. يتجه إلى غرفته.. النار تملأها..
الأوراق.. المستندات.. الأموال.. احترقت..
يصيح الأب..
لا أريد المستندات.. لا أريد الأموال..
أريد ورقة الإثبات.. أريد ابني..
يصارع النار ليذهب إلى موضع الورقة..
ينظر الأب بدهشة.. لم يعد هناك ورقة.. يسقط الأب مذهولاً.. والدخان الكثيف من حوله..
الأب يختنق..
ضاع الابن في سجنه.. وضاع الأب من حياته..
والنار تأكل الحقيقة..
تنتهي القصة.. وينشر المقال.. ويصل الدفاع المدني.. ولكن!!


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved