لم تتوقف الاعتداءات الإسرائيلية طوال أسبوع على قطاع غزة، غير أن ذلك ليس بغريبٍ أو جديد، ومع ذلك فإنه يخشى اعتبار هذه الاعتداءات وكأنها أمر يحدث يومياً ولا يسترعى الانتباه على الرغم من أن هناك أرواحاً تزهق وأناساً يتعرضون لإصابات وجروح جسيمة، فضلاً عن بيوت يتم تدميرها ومنشآت تزال من على الأرض وأراضٍ زراعية يجري تجريفها وقطع ما فيها من أشجار مثمرة.
وتطول قائمة الخسائر في كل عدوان ويفقد الشعب الفلسطيني كل يوم الكثيرين من أبنائه ويزداد الغبن، غير أنه ما من أثر قوي يتركه ذلك على الصعيد الدولي، فقد بات كامل الشأن الفلسطيني وكأنه بين أيدي الجلادين الإسرائيليين يجرعون الفلسطينيين يومياً جرعات من العذاب والقتل والدمار، بينما إسرائيل تحظى بكامل الأهلية الدولية وتبدو وكأنها مبرأة من كل تهم القتل الذي ترتكبه يومياً، بل إن هناك من يدافع عما تقوم به من اعتداءات ومذابح يومية.
لقد أوهمت حكومة شارون العالم بعناوين عريضة عن اعتزامها الانسحاب من غزة، وبات الجميع ينتظرون هذا الانسحاب، وتحت هذه الذريعة تجري هذه الاعتداءات حيث تقول إسرائيل إنها تسعى لترتيب الأوضاع في القطاع قبل أن تنسحب منه لئلا يقع تحت قبضة من تقول إنهم متطرفون وإرهابيون.
ومن الواضح أن إسرائيل تواجه مأزقاً في غزة وهي تتمنى أن تخرج منه اليوم قبل غدٍ، لكنها لا تريد أن يبدو هذا الانسحاب مثل الهروب من واقع صعب عليها أو كهزيمة على الرغم من أنه في واقع الحال كذلك، فإسرائيل لم تستطع طوال سنوات إخضاع القطاع رغم استخدامها كل ما في ترسانتها من سلاح متطور، فهي لجأت إلى مروحيات الاباتشي بل وإلى مقاتلات إف 16 التي تستخدم في المعارك الحربية الكبرى بين الدول وذلك لقصف بضع مخيمات هنا وهناك مكشوفة على كل أنواع القصف ولا تحميها أية تحصينات، غير أن كل ذلك لم يحقق لها ما سعت إليه من إخضاع للفلسطينيين.
فإسرائيل خسرت وتخسر يومياً معركة غزة، ومع خروجها الحتمي وهزيمتها المؤكدة تسعى إلى ضرب المقاومة الفلسطينية، وإزالة أي وجود فلسطيني فاعل في غزة، وهي في سبيل ذلك تحاول، مع فشلها في تحقيق ذلك بالقوة، إلى النيل من وحدة الشعب الفلسطيني ومن تماسكه لضرب وحدته الوطنية.
ففي عدوانها الأخير وبعد أن أفرغت طائراتها حمولتها من صواريخ وقنابل على سكان غزة ألقت الطائرات منشورات تناشد أهالي غزة أن يبتعدوا من الناشطين الذين يطلقون الصواريخ على المستوطنات وألا يدعموهم لأنهم، حسب تلك المنشورات، إنما يعملون ضد مصلحة الشعب الفلسطيني.
وها هي إسرائيل تبدو وكأنها حريصة على مصلحة الشعب الفلسطيني، وتستطيع إسرائيل أن تتظاهر بذلك وبأكثر منه طالما هي تفعل ما تريد دون أية ملاحقات دولية لها باعتبارها من كبار مجرمي عالم اليوم.
|