الأستاذ الصّغيّر بتشديد الصاد والياء.. اسم أحبه اطلقه علي تلاميذ مدرسة أم سليم ولعل هذه التسمية لم تأتِ من فراغ فهي اسم على مسمى فقد كنت وأنا امتهن التدريس صغير السن، لكنني فرضت احترامي بمحبة الجميع ومعاملتهم كإخوتي وليسوا تلاميذي، وهذا من جهة، ومن جهة أخرى فرضت احترامي بالعصا والبشت لمن لا يرعوي منهم؟، وأذكر من الأشياء التي كنت أعتز بها أنني اخترت طريقة لتحبب الطلاب للمواد التي أدرسها، فمثلاً عندما تأتي مادة الخط. أذهب للفصل ومعي الطباشير الملونة التي اشتريتها من حسابي الخاص، وأكتب على السبورة بخط بارز وملون وجميل إما جملة أو بيتاً من الشعر، فيأخذ الطلاب في التسابق والتشوق إلى تقليده، وقد خرج منهم خطاطون. وكذلك بالنسبة للمحفوظات فبعض الأناشيد أصوغها بلحن يحبب الطلاب، فأنشودة (يا زهرتي) أخذ الطلاب يرددونها في كل آن، ولم تأتِ الحصة الثانية إلا وكلهم يحفظها عن ظهر قلب.. ومن الذكريات الجميلة أننا كنا نقوم برحلات برية يشترك بها الطلاب والمدرسون على حد سواء، وكان البر آنذاك قريباً اما غار الملك عبد العزيز في موقع المستشفى التخصصي حالياً، أو عرقة أو الدرعية أو بنبان، وفي احدى الرحلات القريبة من الدرعية، وكانت تضم من الأساتذة بعض الأخوة المتعاونين والطلبة وأذكر منهم الأخوة سعد التمامي ومحمد وعبد العزيز الحقباني وعبد الله العلوي، وكان قسم الكشافة برئاسة الأخ سعد التمامي وباشراف الأخ الأستاذ اليحيى، وكانت بقربنا رحلة مدرسية أخرى، فنظمنا خطة ليلية يقوم بها أعضاء الكشافة تتمثل في سرقة خروف أصحاب الرحلة الأخرى، ونجحت خطتنا وأعيد الخروف لهم صبيحة اليوم الثاني عندما أضناهم البحث عنه؟!
وتمزقت أرجلهم من الشوك والحصا؟!
ولم أستمر في التدريس طويلاً إذ انتقدني القريب من أهلي، وكنت فعلاً لا أشعر بالراحة النفسية لهذا العمل، نظراً للاحراجات التي الاقيها، ومن جملتها أنني انتخبت مع المنتخبين لمراقبة اختبارات الثانوية العامة التي اقيمت في المدرسة التذكارية على ما أظن الواقعة بالقرب من حلة الأحرار وكنا ننتظر أدوارنا لممارسة الرقابة قبيل توزيع الأسئلة بدقائق، وإذا برئيس اللجان يأتي لتفقد سير العمل والذي أمرني بصوت أجش (اجلس مكانك يا شاطر) لقد ظنني أحد الطلبة؟!.. ومن منطلق هذه الاعتبارات قدمت استقالتي.. ولي حديث قادم..
|