(1)
** لم يعش فيها قدر ما عاش في غيرها...
** كانت سبعة عشر ربيعاً.. أكمل بها الثانوية «المعهدية». وغادرها إلا من إجازات أعياد سنوية وأعوام جامعية.. ثم شحت هذه فلم يطل المقام وإن طاب.. وبقيت في ذاكرته وحياته مرفأ الإياب والاقتراب..!
** كونته سنواتُها القليلة.. فقد فتح عينيه على أجواء ثقافية... علمية نادرة... مذ كان في الصفوف الابتدائية.. وكلفه والده (حفظه الله) بأن يستظهر معه نصاً شعرياً أو نثرياً من مقرراته الجامعية (في كلية اللغة حيث درس) وأضاف إليها مسابقة بينه وبين أخته في حفظ المعلقات والمطولات.. وكان حظه منها معلقة زهير (أمِن أمّ أوفى دمنةٌ لم تكلمِ...) ولأخته سينية البحتري (صنتُ نفسي عما يدنس نفسي...) ..!
(2)
** قرأ في مكتبة والده واستعار من مكتبة «المدرسة الفيصلية» بعض القصص القصيرة.. ووجد في مكتبة المعهد العلمي ثروة تراثية غنية.. وارتاد المكتبة الثقافية العامة في شارع السلسلة، ومكتبة مسجد الرويقي، وكان لمتابعة أستاذيه سليمان الجناحي ومحمد الصالح السليم (رعاهما الله) دورٌ في دفعه لتكرار الحضور وتكثيف الاستزادة ..!
** أهديت له في سنوات دراسته بالمعهد كتب موسوعية مهمة .. وسمع في أحاديث والده مع أصدقائه حكايات عن قضايا وأفكار لم تتداخل معها حكايات الأسهم والعقار..!
** هكذا كونته (عنيزة) في مرحلة التأسيس.. ولا تزال.. فجلسة مغربية قصيرة في (مطلة) مع أستاذه الكبير عبدالرحمن البطحي.. الرمز النادر في شمولية ثقافته وأريحية سجاياه تكفي عن قراءة مجلدات.. وحديث «ضحوي» أو «عَصْري» مع أستاذة الكريم عبدالرحمن الإبراهيم البسام في تاريخ الجزيرة العربية ولا سيما «الشفهي» منه يغني عن بحوث وإفاضات..!
** وهكذا فلبعض شيوخه في المعهد جلسة أربعاوية خاصة تثار فيها بعض قضايا النحو والبلاغة والتفسير ويحرص على حضورها (برفقة والده) كلما زار معشوقته..
* * لا عجب بعد - وصاحبكم حالة تتكرر في مئات الحالات - أن تبدو الصيغة الثقافية علامة ذات تأثير بارز في سمات شباب وكهول وشيوخ هذه المدينة الوادعة الهانئة الممتدة بمسافات الكلمة الشاعرة والناثرة والمحاورة..!
(3)
* * وبعد..
فما مضى إشارة إلى نماذج عابرة تشهد «بريادة عنيزة» الثقافية .. فلعلها - وقد نظمت مهرجاناً سياحياً صيفياً وشتوياً - تكون المبادرة إلى تقديم مهرجان ثقافي سنوي لجمع مثقفي عنيزة والقصيم بل ومن تمكن دعوته من مثقفي المملكة من خارجها وداخلها، وتقام فيه أمسيات وندوات وحوارات، وتكرم خلاله شخصيات ومنجزات، ويتم به إحياء مشروع «النادي» الذي فتح أبوابه لناشئة عنيزة قبل أكثر من نصف قرن وآن له أن يستقبل أبناءهم وأحفادهم..!
* العاملون لا يوقفهم طموحهم عند ثناء عابر.. كما لا يحد منه انتقاد قاصر.. ومثلما أشعلت «عنيزة» جذوة المهرجانات الصيفية والشتوية في القصيم (على الأقل) - فلعلها بجهود محافظها والأستاذ عبدالله اليحيى السليم، ومساعده الأستاذ مساعد اليحيى السليم والعاملين معها في اللجنة الرئيسة لسياحي عنيزة واللجان المشاركة - تصل الثقافة بالترفيه، وتستفيد من إمكانات (مركز بن صالح) و (مركز الأميرة نورة) و (مركز الشيخ عبدالرحمن السعدي) لتنظيم تجمع ثقافي ذي برنامج مرسوم في وقت مهرجان الصيف أو الشتاء أو في وقت مستقل .. لنرى - طوال العام - أنشطة متنوعة تجتذب السارين في الليل والساهرين في النهار..!
فكرة خطرت مع مناسبة المهرجان الجميلة.. وإذ تحول الظروف دون حضورها شخصاً.. فلتكن العذير عن التقصير.. والدافع إلى التفكير بخطوة موازية تعزز التميز وتؤصل الانطلاق..!
* العمل لا ينتهي..!
|