كلما اشتدت حرارة الصيف اشتدت معها الضغوط المجتمعية التي يحركها القلق العام والخوف الشديد من أولاً عدم قدرة ابنائنا وبناتنا على الحصول على مقعد دراسي في احدى مؤسسات التعليم العالي الحكومية، ومن ثانياً الخوف من الدراسة القسرية في تخصص ليس له مستقبل وظيفي منتظر.. ويأتي هذا القلق العام بعد تنامي ظاهرة انحسار القبول في مؤسسات التعليم العالي ومؤسسات التعليم الفني والتدريب المهني وكليات المجتمع وغيرها من منافذ التعليم ما بعد الثانوي المصحوبة بانحسار كبير في فرص العمل المتاحة في سوق العمل السعودي لخريجي المرحلة الثانوية وخريجي التخصصات النظرية المختلفة. ولقد كنا في سنوات مضت نتحاور ونتجادل لنثبت أو ننفي وجود المشكلة ولكننا في الوقت الحاضر أصبحنا نتعامل معها ومع معطياتها الأمنية والاقتصادية والاجتماعية بشكل أكثر واقعية ومنطقية مما سيؤدي في النهاية إلى الوصول إلى حل عملي يخفف على الأقل من تداعياتها السلبية باذن الله.. وعلى الرغم من كون الجهات المعنية قد شرعت في اتخاذ بعض الاجراءات العملية لمواجهة المشكلة وفي مقدمتها انشاء ثلاث جامعات جديدة لتسهم في زيادة فرص القبول وتخفف من عدد اللاهثين وراء مقاعد جامعية، إلا أننا ما زلنا نحتاج إلى الكثير من الاجراءات التي تتعامل مع مكونات المشكلة بشفافية وواقعية أكثر حتى نستطيع أن نصف المشكلة وصفاً دقيقاً يساعد على وضع الحلول الناجعة ويقضي على الارتجالية التي قد تسجل في موقف أو آخر.. وهنا أعتقد أننا نحتاج إلى الربط بين واقع القبول في الجامعات ومشكلات سوق العمل السعودي وفي طليعتها سياسة التوظيف والاستقدام التي جعلت من الدراسة الجامعية خياراً لا بديل له سوى البطالة وتداعياتها السلبية.. وهذا يعني أن دراسة المشكلة تحتاج إلى تكامل وتناسق بين الاجراءات التي تتخذها الجهات المسؤولة عن التعليم العالي والفني والتدريب المهني وتلك التي تتخذها الجهات المعنية عن سوق العمل السعودي حتى لا نصل إلى نقطة يشتكي فيها طرف من اجراءات الطرف الآخر.. كما هو حاصل في الوقت الحاضر عندما يشتكي سوق العمل من عدم قابلية مخرجات التعليم العالي على الوفاء بمتطلباته كماً وكيفاً.
يا سادة.. إذا كنا في السابق نتحدث عن قضية القبول والتوظيف من باب الترف التنظيري، فإننا في هذا اليوم نتحدث عنها من باب المحافظة على الكينونة الوطنية والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والأمني وهذا يتطلب معالجة الموضوع بدرجة عالية من المسؤولية والشفافية.. وفي اعتقادي أن القائمين على هذه الجهات الحكومية يتحملون مسؤولية وطنية مهمة، نتطلع كمواطنين إلى أن نرى لجهودهم ثمرات ملموسة على أرض الواقع حتى نقول لهذه المشكلة وداعاً إلى غير رجعة.. فهل يتحقق ذلك؟.. أتوقع وأتمنى ذلك.
|