Tuesday 6th July,200411604العددالثلاثاء 18 ,جمادى الاولى 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

بين عهدين بين عهدين
علي بن عبدالرحمن المسلم

في عهد المغفور له الملك عبدالعزيز قامت فتنة الإخوان وقد حاول الملك المؤسس أن يداري حربهم بدعوتهم إلى الرجوع إلى الحق والتحاور معه ومع من يرغبون من مشايخ عصره ولكنهم أبوا ذلك وأصروا عليه ولما لم يستجيبوا لندائه ومحاولاته قام عليهم بحملته عام 1347هـ والمعروفة بسنة السبلة.
كان الإخوان ضد أي شيء من مخترعات العصر وكانوا يريدون أن تبقى البلاد على ما هي عليه أيام أجدادهم القدماء، وقد قامت تلك الحرب التي انتهت بهزيمتهم.
لقد تذكرت تلك الحادثة وقارنت بينها وبين ما هو حاصل الآن من الشباب الذين يقومون بالأعمال الإجرامية التي نسمع عنها أو نشاهدها بوسائل الإعلام بين وقتٍ وآخر.
كما أن طلب جلالة المؤسس محاورتهم هو نفس الأسلوب الذي اتبعه المسؤولون في هذه الأيام من طلبٍ للنقاش والمحاورة والعفو عمن يسلم نفسه، وهي فرصة لهم من أجل حقن دمائهم ودماء الآخرين لأن مصيرهم معروف إذا لم يذعنوا وقد أتتهم الفرصة ويجب عليهم أن يستغلوها وألا يسمعوا لأقوال الذين يصدرون لهم الفتاوى بواسطة أساليبهم الخفية أو العلنية التي تذيعها القناة الفضائية المعروفة.
هذه مقدمة بسيطة للوصول إلى شاهد مهم وكأنه يحكي ما يجري هذه الأيام وهي قصيدة الشاعر محمد بن عثيمين المتوفى عام 1363هـ رحمه الله والمعروف بأنه شاعر الملك عبدالعزيز رحمه الله وهي بعنوان (أبى الله) وهي تتكون من 36 بيتاً، وقد قام بجمع الديوان وتحقيقه الشيخ سعد بن عبدالعزيز رويشد وطبعت طبعته الرابعة عام 1420هـ بمطابع الشبل بالرياض.
ونظراً لطول القصيدة فإنني قد اخترت بعض الشواهد التي تحكي ما نحن فيه الآن سواء من الخارجين على السلطة أو من العفو الصادر من المسؤولين لمن يسلم نفسه منهم.
يقول الشاعر:


أرادوا شقاق المسلمين شقاوة
فصب الشقا ربي على أهله صباً
همُ أضرموا ناراً فكانوا وقودها
وهم جردوا سيفاً فكانوا به خدبا
دعاهم إلى الأمر الرشيد إمامهم
وقال هلموا للكتاب وللعتبى
وما كان من وهن ولكن تحنناً
عليهم رجا أن تمحو التوبة الذنبا
وما كان بالنزق العجول وإنما
يدبرهم تدبير من طب من حبا
فلما أبوا إلا الشقاق وأصبحوا
على شيعة الإسلام في زعمهم إلبا
أتاهم سليل الغاب يصرف نابه
زماجره قبل اللقا ترعب القلبا
له همم لا تنتهي دون قصده
ولو كان ما يبقيه في نفسه صعبا
بجيش يسوق الطير والوحش زجره
فلم تر وكراً عامراً لا ولا سربا
وجُردٍ عليها كلّ أغلب باسل
إذا ما دعى في معرك للقنا لبى

***


ولو لم يكفكف خيله عن شريدهم
لما آب منهم مخبر خب أو دبا
فقل للبغاة المستحلين جهرة
دماء بني الإسلام تبنا لكم تبا
نبذتم كتاب الله حين دعيتم
إليه وقلتم بالكتابين لا نعبا

***


إمام الهدى إن العدو إذا رأى
له فرصة في الدهر ينزو لها وثبا
ومن ألجأته للصداقة علة
يكن سلمه من بعد علتها حربا
فعاقب وعاتب كل شخص بذنبه
فلولا العقوبات استخف الورى الذنبا

كيف يحدث ما هو حادث الآن وقد حدث مثله منذ ما يقارب السبعين عاماً وكيف أن المؤسس رحمه الله قد طلب منهم المحاورة وهو ما يفعله ملك البلاد وولي العهد وبقية المسؤولين وفقهم الله في هذه الأيام؟ طبعاً من المعروف أن الوسائل تختلف وأن الأسلحة وسبل التلقين وغسل المخ تختلف عن وسائل تلك الأيام.
ولكن الصورة - على العموم - هي الصورة وإن اختلفت وسائلها، والله الموفق.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved