أبرز سبب يمكن أن نلجأ إليه في تأخر الفتوى عن كثير من نوازل العصر وقضاياه المستجدة، يعود الى الفجوة الهائلة بين من يفتي والعلوم العصرية، تلك الفجوة التي مازالت تثير كثيرا من الجدل في أوساط العلوم الطبيعية والعلوم الإنسانية والحراك الاجتماعي.
من الذي أحدث الفجوة.. هل هو تسارع العلوم العصرية وتقدمها المذهل أم أنه توقف بعض من يفتي عند حدود معينة من المعرفة؟
ربما يكون للطرفين نصيب وافر من إحداث الفجوة، ولكن الوضع بهذا الشكل (المتصالح) لا يصل بنا الى نتيجة فعالة ولا يجعلنا نتحرك تجاه لحل، إذا قلنا إن الخطا50%على الطرفين، يجعل كل طرف يذهب الى حال سبيله، ولا أظن أن تلك نتيجة ترضي فضولنا.
إذا علمنا أننا نملك تفاصيل الفتوى على مستوى التاريخ والمعرفة، فإن ذلك يعني أن الحل الذي يمكن أن نشتغل عليه هو نحن، وإذا علمنا أن الخطأ يقع علينا بنسبة100% فإن هذا يضعنا في (جانب السبب) الذي يتيح لنا سؤالا: ماذا نفعل حتى تواكب الفتوى تسارع العلوم العصرية؟
لأن العلوم المتسارعة ليست في أيدينا ولا يمكن ان نبطئ مسيرتها لنتأمل كل علم على حدة حتى نعطي فيه رأينا الشرعي فهذا في جانب (التأثير) الذي قد لا تجدي مناقشتنا له.
نحن أو الفتوى هو محور العمل المفترض الذي يتطلب مستوى أعمق من البحث حتى تصبح الفتوى التي تمثل مقياسا لكل ما هو جديد متماهية مع الزمن الحاضر بكل تفصيلاته وحتى تظهر في الوقت المناسب، وفي الوقت الذي يفترض أن تظهر فيه.
لقد تأخر الاعلان عن الفتوى في أمثلة عديدة فحرّمت بعض القضايا فيما أجازتها لاحقا لأنها فهمت مع مرور الزمن ماذا تعني الأشياء بصورة أعمق، ولا أظننا بحاجة الى أمثلة بعينها هنا فالكل يمتلك في ذهنه خزينة وافية من تلك المواقف فلعل العالم الإسلامي بمؤسساته الدينية يتنبه الى ذلك.
|