اطلعت على كاريكاتير الماضي بالصفحة السابعة عشرة من عدد الجزيرة 11590 الصادر يوم الثلاثاء 4 جمادى الأولى 1425هـ ووجدته معبِّراً عن عدة جوانب منها التربية بمبدأ الثواب والعقاب ومنها انتشار ظاهرة الدروس الخصوصية واعتماد الكثيرين عليها ومنها حاجة المرء للنكته لحاجة ترويحية لمواجهة مصاعب الحياة ومعالجة بعض المشكلات الاجتماعية ومنها النقد الهادف والبنّاء لحل الكثير من المشكلات التي نواجهها في مسيرتنا الحياتية. لقد أبدع الماضي وأجاد في رسم المشكلة بأسلوب فسيلوجي فاللبيب بالاشارة يفهم. إنّ مشكلة الدروس الخصوصية ليست مشكلة (أبوسعد) لوحده بل هي مشكلة الجميع ولم تأت هذه المشكلة إلا بأسباب (أبوسعد) وابنه سعد لأنهما ساهما في تفشي ذلك وانتشاره حتى أصبح السباك أستاذاً في الرياضيات والحلاق معلماً في الفيزياء. إن تهاون أبوسعد وابنه وأمثالهما طوال العام الدراسي جعل للمدرس الخصوصي ضرورة عند الامتحان. لقد قام بعض من يمتهنون هذا العمل بطباعة ملصقات بأرقام هواتفهم المتحركة وإلصاقها على مداخل البقالات والمكتبات والأماكن العامة. وتتصل بالخصوصي ويأتي لتعليم ابنك بطرق غير الطرق المعهودة في التعليم التي يمارسها أساتذة المواد ويقبض التحويشة وفي النهاية تعثر الطالب غير المتوقع. وتنشد الدرجات العليا ولكن تفاجأ بتدني المستوى وقلة الدرجة فلا درجات تحققت ولا دراهم بقيت في الجيب!! إننا بحاجة الى دراسة ظاهرة الدروس الخصوصية والتثبت في من نتعامل معه ونسلم له أبناءنا وأموالنا!!.
إن الماضي طرق العديد من المشكلات الاجتماعية التي يضيق المقام لعرضها والتي طرحها بأسلوب كاريكاتوري يعتمد على النكتة الساخرة والمبالغة التي تشد معها المطلع، وكأنها فن تراجيدي له دور مهم في الطرح والمعالجة بصورة تشريحية خيالية تصور واقعاً ملموساً نقله الرسام بحس وخفة دم منطلقاً من نقدٍ هادف وبنَّاء.
إن إعلان أبوسعد عن ابنه سعد وطلبه حيّاً لأنه رسب في 8 مواد وخسارة 25000 ريال بسبب الدروس الخصوصية، وتهديده لابنه بالعجرى (العصا الغليظة) ليس من التهذيب أو السلوك التربوي الذي ننشده لأن القدوة فُقدت في هذا الأسلوب ولأنه سبب ضياع ابنه في الدراسة وبعد الدراسة وكل الأوقات فأين المثالية في ولي الأمر؟ وأين القدوة الحسنة؟!
ثم إن إجادة الماضي في انتقاء المرحلة الثانوية دليل على بُعد تفكيره حيث تعدد المواد والحشو الذي يرهق الطالب جعل من التعليم الثانوي محط نظر للنقاد، فنجد أن المواد تصل الى 20 مادة، ففي الصف الأول مثلاً يدرس الطالب التوحيد والفقه والحديث والتفسير، والقواعد والأدب والانشاء والقراءة والاملاء والقرآن والرياضيات والفيزياء والكيمياء والأحياء والتاريخ والجغرافيا والوطنية والحاسب والبدنية والإنجليزي.
فلماذا لا توضع مواد اللغة العربية في كتاب والمواد الشرعية في كتاب والمواد الاجتماعية في كتاب لنقلص الكم الهائل من تعدد المواد أسوة بدول الخليج ليكون ما يدرس في العام الدراسي ثماني مواد تُقسم الى فصلين أو تدرس كل فصل أربع مواد ليخرج الطالب بحصيلة جيدة وعلم مركَّز وفائدة مرجوَّة.
إننا في زمن اشغلتنا الحياة عن أبنائنا، وتركنا الأبناء للجلساء، والتيارات التي يصعب معها التوجيه في النهاية بعد وقوع الفأس في الرأس!
وخوفي من (أبوسعد) أن حرصه فقط وألمه على خسارة الفلوس وليس رسوب الابن فهذا مما يزيد تفاقم المشكلة. وللأسف أن يمتد الأمر الى طغيان المادة على مصلحة الأبناء وصلاحهم.
وفي الختام أشكر الماضي على اسهاماته مع (الجزيرة) والتي تمثل كل مشاركة كتاباً في معناها ومحتواها. وأتمنى أن تدرس أفكار الماضي من قِبل الجهات المعنية وخاصة وزارة التربية والتعليم ودراسة ظاهرة الدروس الخصوصية وحشو وتعدد المواد المنهجية والتشدد في توجيه الإرشاد الطلابي في إشعار ولي الأمر على عنوانه بمستوى الطالب منذ البدايات حتى لا يقع مثل ما وقع فيه أبوسعد وابنه.
حمد بن عبدالله بن خنين
ص.ب 1035 الدلم 11992 |