Monday 5th July,200411603العددالأثنين 17 ,جمادى الاولى 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

الدفاع المدني.. وقاية الدفاع المدني.. وقاية
عبدالعزيز بن صالح العسكر/ الدلم

استقرّ في أذهاننا، ونحن صغار، أن مهمة الدفاع المدني إطفاء الحرائق فقط، وأظن أن الاسم القديم لهذا الجهاز (المطافئ).. ولم يكن يخطر ببالنا أن لهذا الجهاز الحكومي مهمة أخرى سوى تلك المهمة.
ولكننا اليوم نشهد أن لذلك القطاع العسكري المهم وظائف أخرى لا تقل أهمية عن إطفاء الحرائق وأذكر منها:
1- التوعية بالوسائل الكفيلة بمنع الحرائق في المصانع والمساكن والمزارع وغيرها.
2- الإنقاذ في حالات الحرائق والسيول وغيرها من الأحداث.
3- المساعدة في إعداد الخطط الكفيلة بحفظ أرواح وممتلكات المواطنين - بإذن الله - وذلك في تخطيط المدن والطرق، والمصانع، والورش والمدارس وغيرها، وتقديم المقترحات لعلاج الطوارئ والحوادث والمخاطر بأنواعها، وضرورة توفير وسائل السلامة ومخارج الطوارئ وغير ذلك من الخطط.
ومن خلال معرفة تلك المهمات يتضح لنا ان (الدفاع المدني) قطاع مهم يمس حياة كل مواطن أو مقيم، ويرتبط بشتى مجالات الحياة ويتفاعل معها، ويتضح لنا كذلك ان الدفاع المدني لا تنحصر مهمته في علاج الحوادث بعد وقوعها، بل إن أكثر مهامه وقائية بمعنى أنها تحارب الحوادث قبل وقوعها، وتدعو إلى تجنب المصائب وتحذّر منها.
وقد سرّني كثيرا، حينما كنت في حديث مع أحد مسؤولي الدفاع المدني، أنه يؤكد هذه الحقيقة ويقررها في الواقع؛ إذ كان مدار الحديث انني استغرب قلة مراكز الدفاع المدني، فقال لي: (وهل من الضروري أن يفتح في كل حي مركز، ولماذا ننتظر حتى يقع الحريق ثم نبحث عن الفرقة لإطفائه ونتألم لبعد مكانها، ونضج حينما لا نجد فرقة وصلت سريعاً، أَوَليس الأجدر ان نحرص اكثر على وسائل السلامة ونُعنى بها، ونحارب الحريق قبل وقوعه).. وأضيف إلى ذلك الحديث: بلى.. وفي الحرص على وسائل السلامة حفظ للأرواح والممتلكات، وتخفيف من الأعباء وتوفير لجهد ومال وميزانيات.
أقول: سرّني كلام المسؤول؛ لأن ذلك يُعد نقلة متميزة في ثقافة رجال الدفاع المدني وتطوراً رائعاً في رسالتهم الوطنية وسيراً نحو الأصلح والأنفع للجميع؛ ولذلك أرى ان تدعم السلامة والتوعية في الدفاع المدني ماديا ومعنويا، وأن تطور وسائلها وأدواتها، وأن يُختار لها الرجال الأكفاء خبرة ولغة وحماسا للعمل، ولا يكون التعيين فيها عشوائيا، بمعنى أن يوزع الأفراد في مراكز الدفاع المدني توزيعا دوريا بين المهمات التوعوية والانقاذية، ولا ينظر في ذلك للكفاءة والقدرة على الحوار والاقناع.. وسواء في ذلك الحوار المقروء أو المسموع، بل اؤكد على حسن انتقاء افراد السلامة؛ فليس كل الناس يجيدون إيصال الرسالة إلى الجمهور.
وقد استمعت إلى بعض الأفراد ممن لا يملكون القدرة اللغوية وحسن الأسلوب فتمنيت لو استُبدل بغيره ممن يفوقه.
وقد رأينا فيما سبق تجارب رائدة في التوعية قدمت احداها في (التليفزيون)، وهي مسابقة يرعاها الدفاع المدني، وهي تجربة ممتازة نتمنى ان تعاد وبصورة أفضل، وان تتبعها برامج وتجارب أخرى في برامج السلامة لتصل تلك البرامج إلى جميع شرائح المجتمع، وفي كل مكان من بلادنا.
وإذا كان أهل الطب يقولون (درهم وقاية خيرٌ من قنطار علاج)، فإننا في الدفاع المدني نقول: ألف ريال أو أكثر في وسائل الوقاية خيرٌ من آلاف كثيرة (نخسرها) في العلاج، ونحن نرى كم تُخلف الحرائق والسيول والانهيارات العمرانية من ضحايا وخسائر بالملايين، أَوَليس من العقل أن نجود بعشر معشار تلك المبالغ في منع تلك الحوادث وتوفير طرق الوقاية منها؟! وأجزم أن تلك الرسالة تشترك فيها الدولة مع المواطنين اشتراكا كاملا، ويجب ان تتضافر الجهود وان تتعاون فيها.
ولا يكفي ان يبقى الجهاز الحكومي وحده في الميدان، بل يجب ان يشترك معه رجال الأعمال ومُلاك المصانع، ووزارة التربية في مدارسها والجامعات.. كل حسب إمكاناته، وعند نجاح ذلك العمل واجتماع الجهود للتوعية ودعم ذلك ماديا ومعنويا سنجد ان (الدفاع المدني) قد أصبح حارسا أمينا على الدماء والأموال، سنجد ان عدد الحوادث سيخفض إلى نسب متدنية جدا، وسنوفر أموالاً طائلة كانت تنفق في الاطفاء والانقاذ، ونحافظ - بإذن الله وتوفيقه - على أرواح بريئة من أخطار الحرائق والسيول وغيرها.. ويكون شعار الدفاع المدني في واقع الحياة وعلى مرّ الأيام (الدفاع المدني.. وقاية).
وفَّقَ اللهُ العاملين المخلصين لكل خير، وحفظ لبلادنا أمنها واستقرارها، ويسَّرَ لولاة الأمر فيها سبل الخير والرشاد.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved