تعزَّ فلا إلفينِ بالعيشِ مُتِّعا
ولكن لورّادِ المنونِ تتابعا |
بالأمس القريب أي في 23 - 4 - 1425هـ ودع الشيخ غنام بن محمد الغنام الحياة مأسوفاً على فراقه, وفي يوم الاثنين 10 - 5 - 1425هـ لحق به شقيقه الشيخ حمد بن محمد الغنام, فسكنا باطن الأرض معاً بعد صحبة وتآلف حميم, وطول مكث على ظهرها.. حيث لاقى وجه ربه في تمام الساعة الثالثة قبل صلاة الفجر من ذلك اليوم مختتماً حياته المديدة بصلاة الوتر والنطق بالشهادة, والسجادة تحت ركبتيه, والمصحف عن يمينه ومن كان آخر كلامه من الدنيا النطق بالشهادتين يرجى له دخول الجنة - فانسلت روحه بسهولة إلى باريها بعد مجاورتها جسمه أكثر من تسعين حجة من الزمن (فمفترق جاران دارهما العمر) ! ولقد تربى هو واخوته في أحضان والديهم الكريمين, واستفادوا من سيرتهما الحسنة وتربيتهما وتوجيهاتهما لهم, وحثهم على الاستقامة وطاعة المولى, وعلى قوة الترابط والتلاحم, وصلة الأرحام, والتسابق في أعمال البر والاحسان, وإكرام الضيف الذي هو طابع والدهم محمد في تلك الحقبة الماضية زمن الحاجة هو وأمثاله من أبناء الرعيل الأول في كثير من بلدان هذا الوطن المتباعد الأطراف - رحم الله الجميع - ولقد اشتهر الشيخ حمد - أبو علي - في زماننا هذا بكرم الضيافة والبشاشة, وهدوء الطبع والتسامح وحسن التعامل مع الغير مواصلاً سيرة والده, ولسان حاله متمثلا بقول الشاعر حيث يقول:
نبني كما كانت أوائلنا
تبني ونفعل (فوق) ما فعلوا |
وخاصة في هذا الزمن زمن الخير والرخاء، وإن كان البذل في زمن الحاجة أفضل.. ولقد قضى الشطر الأول من رصيده الزمني هو وأخوه غنام يكدحان ويجدان في طلب المعيشة والفلاحة بجانب والديهما في مزرعتهما المشهورة المسماة بالرفيعة بحريملاء، وأما الشق الثاني من سنوات عمره فهو الاستمرار في الزراعة والفلاحة والعمل فترة من الزمن في مندوبية تعليم البنات بمحافظة حريملاء وقد استنفد بقية مكثه في الحياة على المداومة في حفظ كتاب الله وتلاوته, ويقال انه يختمه في كل أربعة أو خمسة أيام - غفر الله له, ونور به مضجعه في جدثه - مع ملازمة إمامة مسجد حي العزيزية بحريملاء مدة ثلاثين عاما -تقريباً - ولقد احتفظت له ببعض التسجيلات من قصار السور والآيات - فهو ذو صوت شجي جميل تلد له الأسماع وليبقى ذكرى خالدة لأبي علي على مدى عمري:
تبلى (الحناجر) تحت الأرض في جدث
وصوتها يتلو الآيات والسورا |
ولنا معه ومع أخيه غنام ذكريات جميلة, وطول عشرة لا يتسع المجال لذكرها - غفر الله لهما وأسكنهما فسيح جناته, وألهم ذويهم وأسرهم محبيهم الصبر والسلوان:
وما المال والأهلون إلا ودائع
ولا بد يوماً أن ترد الودائع |
{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ }
|