* رحل العماد عن بغداد إلى الشام سنة 562هـ، وفيها نور الدين محمود بن زنكي، وكذلك زميله في الدراسة كمال الدين بن الشهرزوري، فساعده على الالتحاق بديوان نور الدين، فعمل فيه واصبح بارزاً يرافق نور الدين في ترحاله، واتصل يومئذ بنجم الدين أيوب وولده صلاح الدين، وقام بالكثير من الأعمال التي وكلها إليه نور الدين، ومنها سفارته الي دار الخلافة في بغداد سنة 566هـ، وزادت ثقة نور الدين في العماد، فاختاره للتدريس في المدرسة العمادية، ثم جعله ناظراً لها سنة 567هـ ثم أضاف إليه الإشراف على الديوان، وأصبح موضع تقدير نور الدين والرجل الأول في دولته.استمر العماد رفيقاً لنور الدين في جهاده وحربه، وبقي مخلصاً له حتى توفي نور الدين سنة 569هـ، فرثاه وبكاه بقصيدة عدد فيها ميزات نور الدين، منها قوله:
الدين في ظلم لغيبة نوره
والدهر في غمم لفقد أميره
فليندب الإسلام حامي أهله
والشام حافظ ملكه وثغوره |
* ثم رحل العماد إلى الموصل، ثم عاد إلى الشام بعد أن علم بقدوم صلاح الدين إليها من مصر، طمعاً في أن يلتحق بديوان صلاح الدين لأنه كان يعرفه ووالده وعمه شيركوه، لكن حلمه لم يتحقق، غير أنه سعى إلى القاضي الفاضل، فتوسط له لدى السلطان، وأصبح ينوب عن الفاضل في الكتابة خلال غيابه في مصر، ومضى العماد في جوار السلطان خلال حروبه ضد الصليبيين في الشام ومصر، ومدحه بقصائد أبرز فيها معاركه وانتصاراته، وصحبه في رحلته إلى مصر سنة 582هـ، وكان العماد بجوار السلطان في معركة (حطين) المظفرة، وجلس إلى جواره في خيمته وأمامه ملوك الصليبيين في الأصفاد، ورآه وهو يبّر بقسمه فيقتل أمير الكرك الصليبي الذي اعتدى على الحجاج المسلمين وهم في طريقهم إلى الحجاز، وسجل ذلك في كتابيه: الفتح القسي والبرق الشامي، وحضر معه معاركه وفتوحاته في (عكا) والناصرة والصفورية وفيسارية ونابلس والفولة وصيدا وبيروت وجبيل وعسقلان وغزة، وكثير من الحصون والقلاع، ولكنه لم يشارك في فتح بيت المقدس سنة 583هـ لمرض ألم به اضطره إلى العودة إلى دمشق، غير أنه سرعان ما التحق بركب السلطان بعد الفتح مباشرة، وكتب رسائل البشرى والنصر بقلمه، وحضر معه مفاوضات الهدنة بينه وبين ريتشارد قلب الأسد، وكتب كتاب الهدنة بتعبيره، في يوم الثلاثاء 11-8-588هـ.
* وبوفاة السلطان سنة 589هـ، تراجعت مكانة العماد، عند ابنه الأفضل علي، الذي تولى دمشق، وأخذ يكتب ويؤلف حتى توفي بعد مرض أصابه في يوم الاثنين أول أيام رمضان 597هـ، وقد رثاه لفيف من الشعراء، منهم ابن الساعاتي.
* ومن أهم مؤلفات العماد: تعريب كتاب كمياء السعادة: تأليف أبي حامد الغزالي، وكتاب نصرة الفترة وعصرة القطرة في أخبار الوزراء السلجوقية، والبرق الشامي والفتح القسي، وعتبي الرمان في عقبي الحدثان، ونحلة الرحلة وحلبة العطلة، وخطفة البارق وعطفة الشارق، وأهم كتبه في التراجم والتاريخ الأدبي: خريدة القصر وجريدة أهل العصر، وأتبعها بكتابه: ذيل الخريدة وسيل الجريدة أو السيل على الذيل، وله في الأدب كتب أربعة هي: كتاب رسائله وديوان شعره وديوان دوبيت، وكتاب جمع فيه القصائد التي قيلت في مديح عمه العزيز، وكلها مفقودة، غير أن كتب الأدب والتاريخ حفظت الكثير من رسائله وقصائده ورباعياته.!
|