كان موعدنا ظهر يوم السبت التاسع من جمادى الأولى مع وليِّ العهد في مجلسه المبارك، وفد من الدُّعاة كغيره من وفود الدعاة والعلماء والقبائل اتجه إلى مجلس (عبدالله بن عبد العزيز) ليعبِّر عن مشاعره تجاه دينه ووطنه في هذه المرحلة العصيبة التي تمرُّ بها المنطقة العربية، وليرسم صوة جليَّة لموقف المسلم من كل حدثٍ يثير فتنةً أو يخلُّ بالأمن في بلدٍ آمنٍ مطمئن كالمملكة العربية السعودية التي ينظر إليها المسلمون نظرةً مفعمةً بالحبِّ والتقدير لأنها بلاد الحرمين، ومهبط الوحي، ومدارج سيد البشرية عليه الصلاة والسلام منذ ولادته حتى وفاته.
كان استقبال ولي العهد حافلاً، وكانت الكلمة التي ألقاها الشيخ د.عايض القرني محمَّلةً بالمعاني الجيدة, والأفكار المستقيمة الموجهة من القلب إلى القلب, كلمة حملت رسائل جليَّة إلى ولاة الأمر جميعاً تذكرهم بالحرص على الرعية, ونشر الخير والعدل، والرفق بهم، وإلى العلماء والدعاة الذين يحملون مسؤولية تعليم الناس وتوجيههم إلى الحق, وإرشادهم إلى الطريق المستقيم، وإلى عامة الناس الذين يحملون مسؤولية الحفاظ على العقيدة الصحيحة, والفكرة النيِّرة, والوسطية الإسلامية التي لا إفراط فيها ولا تفريط، وإلى رجال الأمن الذين يحملون مسؤولية الحفاظ على الأمن، ومواجهة أهل الفتن والإرهاب.
وقد أصغى سمو ولي العهد إلى الكلمة إصغاء من يدرك قيمة معانيها، وأهمية الرسائل التي تضَّمنتها.
وقد سعدت بتقديم الشيخ (عايض) لي لألقي قصيدتي (شمس الحقيقة) التي نقلت صورة شعرية لما يدور في خلدي تجاه بلادنا، وما يجري فيها من الأحداث، أَلْقيتها ومع كل كلمة نبضة من نبضات القلب، وخَفْقة من خفقاته، وومضة من ومضات المشاعر، لأن القصيدة صورةٌ من وهج المشاعر، لا تخرج إلى الناس إلا وقد حملتْ معها إشعاعاً من ذلك الوهج الذي يمور في الأعماق.
وقد كان (العفو الملكي) عن ابناء هذه البلاد الذين ركبوا شططاً، وسلكوا طرقاً مُلْتهبةً لا يمكن أن تؤدي بسالكها إلى خير، كان ذلك العفو محوراً للحديث في كلمة الشيخ عايض، وفي قصيدتي، ثم في كلمة (ولي العهد) التي علَّق بها على ما ألقيناه.
قال: إن العفو الذي تشيرون إليه عَفْوٌ من الدولة والشعب السعودي، وإنَّ العفو يُطلب - أصلاً - من الله عز وجلّ، وما أردنا بالعفو إلا رجوع اولئك الذين هانت عندهم الدِّماء إلى جادَّة الصواب، وناداهم نداءً واضحاً أن يستعيذوا بالله من الشيطان، ويعودوا إلى طاعة الرحمن، ويستنيروا بآراء العلماء والعقلاء, وشدَّد على ضرورة التلاحم والتكاتف بين جميع أهل هذه البلاد، وجميع المسلمين في أنحاء الأرض، لإقامة دعائم الأمن والاستقرار في المملكة وغيرها من بلاد المسلمين.
لقد كان المجلس مزدحماً بوفودٍ من جازان والأحساء، ومكة المكرمة، وكانت أجواؤه مفعمةً بروح التلاحم، مملوءةً بأصوات ذكر الله عز وجل، ورفع الدعاء إليه أن يزيل ظلام الفتنة, ويمحو أسباب وآثار الفرقة والخلاف، وكان ولي العهد متفاعلاً مع ذلك كلَّه مصغياً إليه.
نحن في مرحلة التكاتف لمواجهة ما يُراد ببلادنا من الخارج وما يرتكب فيها - من بعض أفرادها - من الداخل؛ مرحلة التلاحم القائم على منهج الحق، والتناصح الصادق لتجاوز الأزمة، وتثبيت أسس الأمن والاستقرار.
إشارة
ما دام شرع الله في أرض الهدى
فلسوف يحفظ أمنها ورخاءَها |
|