إن من المشاهد في نهاية كل عام دراسي، أننا نلحظ نمواً متزايداً في أعداد خريجي المرحلة المتوسطة (الإعدادية)، وما يثلج الصدر أن نسبة كبيرة من هؤلاء الخريجين هم يختلفون كلية في تحديد ومن ثم توجيه رغباتهم في مواصلة دراستهم في المرحلة الثانوية، وذلك عن غيرهم ممن سبقوهم في عقود ماضية، حيث كنا نلحظ في ذلك الزمان أن الغالبية العظمى من خريجي المرحلة المتوسطة ينخرطون في الدراسة في التعليم الثانوي العام، بينما يندر أن نسمع أو نرى من يتجه للدراسة في المعاهد الفنية أو الصناعية، بل كان يحدث في ذلك الزمان أشبه بالتسويق لدعوة الطلاب بالاهتمام للدراسة في هذه المؤسسات النوعية، وذلك بسبب ضعف الإقبال على مثل تلك المخرجات التعليمية، وكان لذلك أسباب عديدة مبررة، منها أن هناك من يتطلع لمواصلة الدراسة الجامعية، ومنها أيضا أن تلك المخرجات التعليمية كانت تعد غريبة نوعاً ما على الطلاب، أما في هذا العصر فإن الرغبات اختلفت تماماً، وأصبحنا نلاحظ تدافعاً منقطع النظير لدى أبنائنا نحو التسجيل في مؤسسات التعليم الفني والتقني، لأسباب عدة، منها تضاعف النمو السكاني في البلاد، مما أفرز معه رغبات متعددة الاحتياجات، منها من أدرك حاجة البلاد الآنية إلى تخصصات ذات طابع فني وتقني لسد حاجة البلاد من كوادر متخصصة في مجالات اقتصادية عديدة، ويجب ألا ننسى أن هناك فتيات يرغبن في الانضمام إلى مثل هذه المؤسسات التعليمية الحديثة، إلا أنه وحتى يومنا هذا لم تفتح لهن أي مؤسسة من هذا النوع، كما أن المؤسسات الحالية التي تقوم على تقديم مخرجات التعليم الفني والصناعي والزراعي هي محدودة للغاية، وتواجدها في مناطق محدودة، ولكل منطقة نصيبها مؤسسة تعليمية واحدة، بالرغم من أن تأسيس كل مدرسة أو معهد مضى عليه قرابة ثلاثة عقود من الزمن أو أكثر، فلماذا لا نبادر بفتح المزيد لمثل هذه المؤسسات، في الوقت الذي نلحظ فيه تزايداً في النمو السكاني، ومطالب مستمرة بضرورة مواءمة مخرجات التعليم مع حاجة سوق العمل، والمناداة بجعل التعليم إلزامياً من سنّ السابعة وحتى الخامسة عشرة سنة، إلى العديد من المطالب الوطنية التي تنبع من الفرد قبل مجتمعه، فهلاّ من مبادرة عاجلة تمنح الفرص الحقوقية لكافة أبنائنا وبناتنا، للنيل من تخصصات دراسية تشكل لمجتمعنا ثروة مجتمعية، توجد معها حينئذ ركناً رئيساً من أركان مقوماتنا الاقتصادية والاجتماعية، نرجو بل نتمنى أن يشرع في ذلك عاجلاً.
* الباحث في شؤون الموارد البشرية
|