* القاهرة - مكتب الجزيرة n على البلهاسي:
بعد حوالي شهر على إطلاقها تواجه المبادرة المصرية للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين العديد من العقبات والعراقيل خاصة بعد التصعيد الإسرائيلي الأخير في قطاع غزة والضفة الغربية ويقول المراقبون: إن التعاطي الإسرائيلي مع المبادرة وتشكيك بعض الفصائل الفلسطينية في جدواها قد يؤدي في النهاية إلى فشلها خاصة وأن التصعيد الإسرائيلي وتصاعد العنف بين الجانبين يقوض أساس المبادرة المصرية التي تقوم على وقف العنف واستئناف المفاوضات.
اصطدام بالمطالب المصرية
ويلاحظ أن الجانب الإسرائيلي الذي سبق وأعلن موافقته على المبادرة والوساطة المصرية بدأ يغير موقفه إلى ما يشبه الرفض التام بعد أن اصطدم مع المطالب المصرية وأن إسرائيل كانت تريد حصر الدور المصري في غزة في الإطار الأمني لكنها اكتشفت أن مصر تريد التزامات إسرائيلية تحقق الانسحاب الكامل من قطاع غزة وشمال الضفة الغربية والإسراع في تطبيق خارطة الطريق وتوفير الضمانات لاستمرار التقدم في عملية السلام وأمام إصرار مصر على هذه المطالب بدأ رئيس الوزراء الاسرائيلي شارون محاولاته لإفشال الدور المصري معلنا في البداية أنه يرى في الدور المصري في غزة وعلى الحدود أهمية كبيرة ولكنه لا ينوي تمكين المصريين من الاضطلاع بدور الوسيط رافضا بذلك الوساطة المصرية التي كانت تسعى لوقف العنف بين الجانبين والحصول على التزامات من كليهما تضمن استمرار التهدئه تمهيدا لاستئناف المفاوضات.
وجاء هذا الرفض الإسرائيلي للوساطة المصرية لينسف الأسس التي تستند إليها المبادرة المصرية وحسب محللين سياسيين فإن شارون يريد مصر كجزء من خطة الفصل ولكنه لايريد أن يكون الدور المصري دفعه على حساب المفاوضات وترى إسرائيل أن السماح لمصر باحتلال موقع الوساطة بينها وبين الفلسطينيين يمثل مساسا بأحادية خطة الفصل التى لا تتضمن تنسيقا للانسحاب مع الفلسطينيين وترى أيضا أن استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين بوساطة مصرية سيفشل خطة الفصل وسيعرض خريطة الطريق للخطر حيث إنها تقوم وفق الرؤية الإسرائيلية على أساس أنه لا مفاوضات مع الفلسطينيين من دون محاربة الإرهاب، ولذلك فقد أكد شارون أكثر من مرة على أن حدود العمل السياسي مع مصر محدودة بالجانب الأمني فقط، وأن الحديث محظور عن أي جانب سياسي أوسع وأشار كذلك إلى رفض إسرائيل الشرط المصري بوقف العمليات الإسرائيلية حال دخول المدربين المصريين موضحا أن إسرائيل لن تلتزم بأي هدنة لكنها إذا رأت أن الإرهاب تراجع فلن تقدم على عمليات واسعة.
جهود مصرية ناجحة
وترى مصادر سياسية في القاهرة أن شارون عندما أبدى موافقته على المبادرة المصرية من قبل كان يراهن على فشل مصر في لعب دور محوري مع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في ترتيبات ما بعد الانسحاب ولكن عندما نجحت مصر في تنسيق الأمور مع عرفات خاصة على المستوى الأمني خابت توقعات شارون وراح يتهم المصريين بمحاولة إعادة عرفات إلى واجهة المفاوضات من جديد وإدخاله إليها من الباب الخلفي بعد تجاوبه مع المطالب المصرية بشأن إجراء بعض الإصلاحات والإجراءات في الجانب الأمني وقد وافق عرفات على هذه المطالب واصفا ما تقوم به مصر بأنه محاولات لحماية عملية السلام وليس مبادرة مطالبا بردود إسرائيلية عليها وهو مالم يحدث.
أيضا راهن شارون على عدم قدرة مصر على التوصل إلى اتفاق مع الفصائل الفلسطينية مع ظهور مواقف في البداية من بعض الفصائل تشكك في جدوى المبادرة المصرية والالتزام الإسرائيلي بها وسرعان ماعادت الفصائل الفلسطينية لتؤكد عدم اعتراضها على الدور المصري في غزة والمبادرة المصرية مادامت تصب في صالح القضية الفلسطينية وكان للفصائل الفلسطينية بعض المطالب مثل تدريب أفرادها على يد خبراء مصريين والمطالبة بالمشاركة في السلطة وكان هناك اتفاق على مناقشة هذه المطالب في اجتماع للفصائل الفلسطينية بالقاهرة أوائل أكتوبر القادم الأمر الذي أصاب رئيس الحكومة الإسرائيلية شارون بالإحباط خاصة وأن الجهود المصرية لاقت تأييدا ودعما معلنا من جهات عدة على رأسها اللجنة الرباعية.
عراقيل إسرائيلية
ولأن الجهود المصرية في الفترة الأخيرة تركزت على تكثيف الضغوط على حكومة شارون بإزالة كل الحجج التى يمكن أن تستند إليها في تأجيل الانسحاب الكامل من قطاع غزة فقد برزت العديد من المحاولات الإسرائيلية لإفشال هذه الجهود منها محاولة الوقيعة بين مصر وعرفات بإشاعة أن هناك ضغوطاً مصرية على الرئيس الفلسطيني لتقديم تنازلات للجانب الإسرائيلي كذلك سعت إسرائيل للوقيعة بين مصر والفصائل الفلسطينية بزعم أن مصر تسعى للقضاء على فصائل المقاومة وتفكيك بنيتها التحتية ولجأت إسرائيل مؤخراً لاستفزاز الفصائل الفلسطينية وجرها إلى دوامة العنف باستهداف أعضائها وقادتها وتصعيد العمليات ضد الفلسطينيين حتى تكون عمليات المقاومة الفلسطينية سندا لشارون في رفض التنسيق مع الفلسطينيين والبدء في مفاوضات معهم لإفراغ الجهود المصرية من مضمونها على أن الجهود المصرية مازالت تتواصل رغم هذه العراقيل الإسرائيلية في محاولة لتهدئة الأوضاع وعدم إتاحة الفرصة أمام إسرائيل للتنصل من التزاماتها تجاه الانسحاب الكامل من غزة وتنفيذ خريطة الطريق ويستند التحرك المصري على ثلاث نقاط أساسية حددها وزير الخارجية المصري أحمد ماهر وهى: أن يسترد الفلسطينيون جزءا من أراضيهم المحتلة وتأكيد مبدأ فك المستوطنات وترسيخ سلطة الفلسطينيين في الأراضي التي تنسحب منها إسرائيل والتوصل إلى تفاهم مع المنظمات الفلسطينية بشأن تهدئة الأوضاع لقطع الطريق على المحاولات الإسرائيلية لإفشال عملية السلام.
|