أعلم يقينا أن العلم والثقافة تفسدهما الإقليمية الضيقة والبلدانية المقيتة لكن هنا طرقي لهذا الموضوع من جزئية واحدة أثارت استغرابي فهناك بعض الكتب التي كتبها علماء من هذه البلاد وهي تتحدث عن أهل هذه البلاد جغرافية وسكاناً وتاريخاً وأخباراً ثم ينبري لتحقيق هذه الكتب أشخاص من خارج البيئة فهم لا يعرفون المصطلحات النجدية ولا تراجم الأعلام الأحسائية ولا الأسماء الحجازية ولا ضبط المواضع في جنوب الجزيرة العربية!!
هل تصدقون أيها القراء الكرام أن أحد التواريخ المهتمة بتاريخ وسط الجزيرة العربية ومنطقة نجد تحديداً على سبيل المثال يقوم بتحقيقه شخص من قطر عربي لا يعي أسماء رجالات البادية التي هي قائمة على السماع والرواية والتلقين مثلاً، ومثل ذلك ديوان شعري شهير يقوم على تحقيقه ونشره باحث من قطر عربي آخر ويقع في أخطاء كبيرة في شرح الأسماء والمواضع.
والأسوأ من ذلك حين يأتي متفلسف ويتحدث عن تواريخ الأسر وأنسابها وتراجم أعلامها فتجد أنه يقع فيما يضحك الحزين.
لا يخفى على القارئ الكريم أن السبب الأبرز في عناية بعض هؤلاء هو الربح المادي من خلال نشرهم كتبنا التي تتحدث عنا وسبب آخر هو تقصير بعض أبناء هذه البلاد في نشر تاريخهم.
هل يا ترى يقبل الآخرون بأن يأتي باحث سعودي الآن ويحقق كتابا مخطوطا يتحدث عن مساجد القاهرة عبر التاريخ أو يأتي محقق سعودي آخر ويتحدث عن مدينة صنعاء الغالية باليمن السعيد أو يأتي باحث من وطننا ويكتب عن طرق بغداد القديمة، ناهيك عن تحقيق كتاب في تاريخ المغرب العربي.
لا شك أن هذا غير مقبول؛ لأن الباحث تنقصه الخبرة والمراجع والموجه ومعرفة الألفاظ والنطق السليم لها.
وما دام أن الأمر هكذا فليت الممعنين بهذا الوطن الغالي يكرسون جهودهم لنشر تراثنا بأيدينا؛ فهذا جانب مهم يجب أن تطوله السعودة؛ لأنه مما يؤسف له أننا نرى بعض مراكزنا البحثية ودور النشر السعودية تكلف الآخرين بنشر تراثنا المحلي.
وقبل أن أختم حديثي أكرر مرة أخرى أني مع تدويل الثقافة في تحقيق الكتب التراثية من الجميع بحسب الكفاءة إلا في مواضع جزئية أنا فيها مع أن (أهل مكة أدرى بشعابها).
|