يصاب المراقب للأحداث الطارئة التي مرت بها المملكة العربية السعودية بالذهول، والحيرة فما حدث يعد غريباً على هذه البلاد، أرضاً، وشعباً، عقيدة وقيماً فالأرض أرض الحرمين، أرض السلام، والشعب شعب عرف بالخير، والرحمة، والمحبة، وحسن التعامل. والعقيدة تنطلق من الإسلام دين التسامح، والعدل، والوسطية، دين يحفظ للإنسان كرامته، وعقله، وماله، ودمه هذا غيض من فيض سمات هذه البلاد وأهلها، وهذا مما زاد من هول الصدمة، وجعل المحلل يتيه في فهم هذه الأحداث.
ومع التسليم ببعض الاحتمالات والمسوغات التي ساقها المحللون، إلا أنه لا يمكن قبول هذه الأفعال أو تسويقها أو فهمها مهما كان منطق المسوغات وعقلانيتها.
فأي عقل يمكن أن يفهم أو يسوّغ قتل الآخر أياً كان مواطناً، مقيماً ، مستأمناً؟ أي عقل يمكن أن يفهم أو يسوغ التدمير والتفجير؟ أي عقل يمكن أن يفهم أو يسوغ الترويع والخطف؟ أي عقل يمكن أن يفهم أو يسوغ إيذاء الأهل والوطن؟ أي عقل يمكن أن يفهم أو يسوغ الفساد والإفساد؟ حقيقة مهما كانت المسوغات التي يطرحها هؤلاء المعتدون، أو يفسر بها المحللون سلوك هؤلاء، فإن المصيبة أعظم وأشنع وأشد فظاعة، لأن نهج الإصلاح واضح، وطرق إنكار المنكر معروفة، والتعبير عن الرفض له أساليبه، وطلب التغيير والتطوير له إجراءاته واحتياجاته، فهل القتل والتدمير والتفجير، والترويع من مناهج الإصلاح، والإنكار والتطوير؟ قطعاً لا، إن هذه الأفعال منكرة تسيء للإسلام، وللوطن، والمواطن. ومن هنا فإن أبناء المملكة العربية السعودية يتطلعون بكل أمل ورجاء أن يؤوب هؤلاء المعتدون إلى عقولهم، وأن يراجعوا أنفسهم، ويقيموا أفعالهم، وما جنته أيديهم على دينهم ومجتمعهم وأهلهم وذويهم، إننا نتطلع إلى المتعلمين منهم أخصّ (الشرعيين) أن يخشوا الله ويتقوه في دينهم وبلادهم. وألا يزجوا بها في أتون الفتنة والقلاقل وتسويق الأعذار للتدخلات والنيل من الدين وكرامة البلاد وأهلها، إن ما يقومون به يعد بداية لتسويق التدخلات وإثارة فتنة عمياء، وضلالة دهماء، إننا ندعو الله أن يفتح على قلوب هؤلاء وعقولهم وأن يوقظ فيهم الحق والعدل، وأن يقطعوا الطريق على دعاة الضلال والإفساد، على أولئك الذين يتربصون بالدين، والبلاد السوء ويودون لها الشر ويطربون لما تعيشه - خيب الله آمالهم - ورد كيدهم في نحورهم، إننا نتطلع إلى أن يواجهوا أنفسهم ويحاسبوها ماذا حققوا؟ وفي أي اتجاه يسيرون؟ ماذا يريدون؟ هل هذه الأفعال الشنيعة هي المدخل الصحيح لما يأملون؟ إننا نناشدهم الله أن يعودوا إلى رشدهم، وأن يسخروا طاقاتهم لخدمة دينهم وبلادهم، بدلا من هذا التدمير والتخريب، والإساءة للدين والوطن والأهل، إننا نتطلع إلى أن يستجيبوا بحكمة وشجاعة للدعوة الكريمة من خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - وأن يعودوا إلى أهلهم وأسرهم فالباب مفتوح وفق شرع الله، وأن يتنبهوا للشر المستطير الذي ينتظر كل شاذ خارج عن إطار الحق، فلهم في التاريخ عبر، وفي الحاضر معتبر، والعاقل من اتعظ بغيره.
|