نشرت جريدة الوطن يوم الجمعة الماضي، خبراً محلياً غريباً حول طفل في مدينة الجبيل عمره ثماني سنوات انهال على زميله وهو في السابعة لأن الأخير ذكر اسم أمه.
الغريب في الموضوع ان ابن الثامنة يكون ما برح يدور في افلاك ومدارات الأم، وما برح ينعم بدفء المنزل ولم ينخرط في أجواء الرفاق ليعلن العصيان المدني على الرحم.. الرحيم.. وعلى أمٍّ ما برحت تحمم وتدعك الشعر بالشامبو, وتضع الشطيرة في الحقيبة المدرسية، وتقرأ قصة ما قبل النوم.
لكن في حكاية الطفل هنا يبدو أنه اقتحام ذكوري مبكر، لعالمه، فبعد ان كانت الأم عالماً شاسعاً يسبح فيه ويتكئ على ارائكه ويهنأ بنعيمه.. ينتزعه المجتمع بعنف منها ويأخذه عنوة لتتحول الأم إلى عيب وخزي سيضرب أي أحد إن اشار الى اسمها.. وعندما تتحول (أنثاه الأولى) وأجمل وأغلى النساء في عينه الى عيب.. تبدأ من تلك المرحلة الباكرة جميع النساء من حوله الانخراط في مسيرة العيب،أخواته ولاحقاً زوجته ومن ثم بناته ونساء المجتمع في الأسواق.. وزميلات العمل الجميع يتحول الى قوسين مغلقين على كم وافر من الخزي والعيب يجب إلغاؤهما وإخفاؤهما وتقليل وجودهما وفاعليتهما في المهام الجادة, والمصيرية في المجتمع.
هناك انتقاص مسبق ومطلق ونهائي يتتبع ويحاكم ويلاحق هذا العيب الذي يتواجد بين قوسين.
هذا الإقصاء والنظرة الدونية بالتأكيد سينسحبان على التركيبة الثقافية بكاملها والإطار الذي تنظر الى المرأة من خلاله، من حيث كونها ذلك الشيء البعيد المقصى خلف أقواس العيب.
هذا الإقصاء سيبقيها قصية عن الانتاجية بعيدة عن القرار.. بعيدة عن الفاعلية بعيدة عن الحياة بكاملها.. لأنها معتقلة خلف أقواس العيب.
|