Sunday 4th July,200411602العددالأحد 16 ,جمادى الاولى 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

أفغنة (العراق).. طلبنة (الخليج)..؟! أفغنة (العراق).. طلبنة (الخليج)..؟!
حمّاد بن حامد السالمي

* استطاع المجتمع الدولي، أن ينتقم من القاعدة، وأن يثأر لضحاياه الذين سقطوا قتلى أو جرحى في أكثر من مكان، جراء عملياتها الإرهابية القذرة، التي خططت لها ونفذتها ضد كل الشعوب على هذا الكوكب، بمن فيهم العرب والمسلمون، فجرى سحقها على أرض الأفغان، المستباحة من قبل الخوارج العرب، بقيادة (أسامة بن لادن)، وشمل الانتقام العادل هناك، حكومة (طالبان الظلامية)، التي رعت فلول الخوارج العرب، ومكنتهم من الحركة، انطلاقاً من الأرض الأفغانية، فكان الشعب الأفغاني المسلم، هو أول شعوب الأرض، التي اكتوت بنار طالبان والقاعدة معاً.
* ولأن الهدف الذي تسعى إليه القاعدة منذ ظهورها هناك، هو تفتيت المجتمعات العربية الخليجية، وفي مقدمتها المجتمع السعودي، انطلاقاً من مبررات سخيفة، وحجج واهية، تتخذ من الدين الإسلامي ستاراً لها، ثم الانقضاض على هذه المجتمعات وإحكام السيطرة عليها، ومن ثم إعادة إقامة النموذج (الطالباني الظلامي)، الذي أسقطه المجتمع الدولي في أفغانستان، فهي من أجل ذلك، جربت تحريك، دمى معممة ومضللة، من بين بعض السعوديين المجندين في صفوفها، فحاولوا زعزعة الأمن، ونشر البلبلة، وتصوير الوضع، بغير الحال التي هي عليه المملكة، من وحدة وطنية ثابتة، وتماسك حكومي شعبي راسخ، فخابت قاعدة الشر، وخاب كل أذنابها، ومن تعاطف معها أو أيّدها في الظاهر والباطن.
* الغزو الأميركي للعراق، كان هدية عظيمة، قدّمها الرئيس بوش لقاعدة الإرهاب، تضاف إلى ما يقدمه شارون من هدايا يومية، تستغلها القاعدة في دعم شعاراتها الزائفة، فتلبسها لبوس الدين، ثم تدندن عليها، لتخدر بها بعض العقول، بل.. وتثير بها مشاعر الناس، الرافضين لكافة ألوان الظلم والعدوان.
* كان العراق بعد سحق القاعدة في أفغانستان، هو (عراقستان) العرب.. البؤرة المناسبة، لتفريخ المزيد من الخلايا العنقودية الإرهابية في المنطقة، من أجل استهداف الجارة الكبرى للعراق من الجنوب، (المملكة العربية السعودية)، وهذا عين ما حصل في الأشهر الماضية، إذ لم يكن للقاعدة ولا جهادها المزعوم، أي فعل (جهادي) يذكر، لا ضد القوات المحتلة في العراق، ولا ضد الجيش الإسرائيلي في فلسطين، بل إن جهادها الذي تدعيه، كان موجهاً ضد الشعبين العربيين المسلمين، العراقي والسعودي، فمن هنا.. تتضح لعبة (أفغنة) العراق، تحت ستار الجهاد ضد القوات المحتلة، والدندنة والطنطنة، على السيادة المستباحة والناقصة، والشرف العربي المنتهك..! في حين.. أن أول من انتهك هذا الشرف العربي (المصون)، هو (أسامة بن لادن)، ثم تولى الدور عنه بعد (تكهفه وتجحره)، عدد من تلامذته المخلصين لفكره التدميري، مثل (الزرقاوي) في العراق، و(العييري والمقرن) في المملكة العربية السعودية، أرض الحرمين الأبية، التي لا يعرفها (ابن لادن) وزمرته، انطلاقاً من أحلامهم وأوهامهم، إلا أنها أرض (الجزيرة العربية)..!
* إن الحوادث اليومية، التي نشهدها اليوم، سواء في المملكة أو في العراق، فيها ما يكفي من التدليل، على وضوح خيوط اللعبة القذرة، التي تستهدف بلادنا وكياننا، بكل قبح وصفاقة، ذلك ان الجهاد المنادى به في العراق، لم يكن له هدف في الأساس، غير استقطاب المزيد من المجندين المضلل بهم، لخلق جيل جديد من صفوف القاعدة، ينمو ويكبر، في ظل الوضع السياسي المتشرذم في العراق، مستفيداً من المتغيرات الدولية في المنطقة، للتدريب والتسلح والاستعداد، ثم الانقضاض على دول الجوار، وخاصة المملكة، وآخر هذه الأدلة في هذا السياق، ما يفعله (الزرقاوي) وشرذمته اليوم هناك، من مجابهة حقيقية لدولة العراق الجديد، وللحكومة العراقية الانتقالية، التي تسلمت سيادة شعبها، وراحت تخطط لبناء مستقبلها، على أسس ديمقراطية حديثة، بجيش مدرب، وأجهزة أمنية مقتدرة.. لكن القاعدة التي جاءت إلى العراق، متسترة بغبار معركة الاحتلال الأميركي، لا تريد حكومة عراقية حرة، ولا دولة عراقية ذات سيادة، وتقف بكل قوة وشراسة، ضد قيام جيش عراقي قوي، وضد جهاز أمني قوي، وضد أي قانون عراقي أو دولي يقف في وجهها.
* هذه الوضعية الشاذة، التي خلقها المتسللون إلى الأرض العراقية، بزعامة (الزرقاوي)، وبحجة الجهاد، فيها رفض صريح لرحيل (بريمر)، وتحمل عوائق كبيرة، لخروج أميركا وقوات التحالف من هذا البلد العربي، فلو خرجت القوات الغازية من العراق، ماذا يتبقى من أغطية ولبوس وذرائع، لوجود القاعدة في العراق، وماذا يتبقى من آمال لمستقبل (النموذج الطالباني)، المخطط له في (جزيرة العرب)..؟!!!
* الخطوة التالية لخلايا القاعدة في العراق، هي مواجهة السلطة العراقية وجهاً لوجه، وهي إلحاق المزيد من الأذى للشعب العراقي، فهي سوف تثير الفتن، وتؤجج الخلاف المذهبي والطائفي والعرقي، وتستهدف المؤسسات الأهلية والحكومية، وتستخدم السيارات المفخخة كما هي عادتها، لتفشيل المشروع العراقي القادم، الذي سوف يهدد وجودها على أرضه..
* ما يجري في العراق منذ اليوم الأول لدخول القوات الأميركية، واجتثاث أصول الحكم الدكتاتوري هناك، هو لعبة كبيرة، تطل برأسها نحو الجنوب.. نحو السعودية تحديداً، وعلينا ان ندرك أبعاد هذه اللعبة، التي تم ترحيلها قسرا من أفغانستان إلى العراق، وعلى كافة دول الجوار للعراق، ان تكون شريكة (مخلصة)، في بلورة مستقبل مستقر وآمن في العراق، وذلك من أجل مستقبلها هي قبل الشعب العراقي، وان لا تسمح للمارقين والمهووسين بخطاب القاعدة الشرير، من العبور إلى أرض العراق، لأن معسكرات (الزرقاوي) وأشباهه، هي قبلة كثير من الذين يلبون نداء الجهاد القاعدي في العراق، خاصة وان هذا البلد العربي الكبير، أصبح له سيادة ودولة، وقامت له حكومة مسؤولة عنه، ومن حقوق الجار على جاره، ان لا يؤتى بأذى من طرفه.
* أحيي هنا.. الأمير (سعود الفيصل)، وزير خارجية المملكة العربية السعودية، الذي أكد في تصريح نشرته الصحف قبل أيام، أن المملكة لن تسمح بالتحريض على الجهاد في العراق، وهي التي اكتوت من تحريض مماثل ضدها، وان الجهاد الحقيقي، هو في بناء العراق، وليس في هدمه، وان الذهاب إلى العراق بغرض الجهاد، إنما هو عمل مخالف للأنظمة، يعاقب عليه صاحبه.
* نحتاج إلى موقف مماثل، من سوريا وإيران والأردن وتركيا والكويت، لأن بناء العراق واستقراره، يعني بناء واستقرار كافة الدول المجاورة، ويعني تحديداً، محق الفكر القاعدي الخبيث، الذي يستهدف تقويض الأنظمة العربية في الخليج، ويحلم بإحياء نموذج (طالباني ظلامي) في أرض النور والحضارات الإنسانية.
* لقد برهنت الأشهر الماضية، بما لا يدع مجالاً للشك، ان لا مقاومة (عراقية شعبية) حقيقية في العراق، تستهدف الشعب العراقي نفسه، بالقتل والتدمير، وإنما هناك قتلة محترفون من أذناب القاعدة، وشراذم تتبعها من بقايا نظام صدام حسين، تعمل ما في وسعها، للاستفادة من الوجود الأميركي في العراق، لتأزيم الموقف أكثر وأكثر في المنطقة العربية، لأن مصلحتها تتطلب، توفير ذرائع أكثر لوجود أجنبي في العراق، ولتصاعد مأسوي ضد الفلسطينيين على أرضهم، حتى يظل الخطاب القاعدي المضلل، أعلى صوتاً من غيره، وأبلغ مدى في تجييش العواطف العربية.
* لم يقنت بعض القانتين لجرائم الزرقاوي في العراق، ولم تبح حناجر مذيعي قناة الجزيرة، ولم تصر أقلام محرري صحيفة القدس العربي، من أجل عراق حر مستقر، وحكومة عراقية ذات سيادة، وإنسان عراقي يملك قراره بنفسه، وإنما جاء كل ذلك، من أجل دعم (غير خفي) للقاعدة في المنطقة، ونتيجة لتعاطف (غبي)، مع مشروع القتل والتمثيل بالضحايا، الذي مارسه إرهاب القاعدة في الفلوجة والرياض بكل بشاعة ونفور ووحشية.
* إذا كان هناك خاسر حقيقي من رحيل (بريمر)، ونهوض الحكومة العراقية بمسؤولياتها في بلدها، فهو إرهاب القاعدة في المقام الأول، والحزب المؤيد والمتعاطف معه في المنطقة، ثم الخطاب الديني المزعوم والمضلل، الذي أوهم البسطاء، أن التفجير في المدن العراقية، وسقوط مئات القتلى من العراقيين الأبرياء، هو جهاد ضد المحتلين، يضاف إليه بنفس الدرجة من الخسران، خطاب إعلامي مؤدلج، يروج ويسوق للإرهاب في المنطقة، بقيادة قناة الجزيرة القطرية، وما يتبعها من موظفين في بلاطها، ممن تسميهم أصحاب رأي في المنطقة وفي بلدان الغرب.
* هذه هي الخسارة السارة، التي ينبغي دعمها وتعزيزها، إذا أردنا جاراً عربياً قوياً في العراق، لا تستباح ساحته، من قبل منظمات إرهابية تحترف الإجرام، وتسعى جاهدة بكل وسائل القتل والتدمير، ل(أفغنته)، تمهيداً ل(طلبنة) دول الجوار، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية.

Fax:027361552


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved