سعادة رئيس تحرير (الجزيرة) المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
هذا تعقيب على عدة مقالات نشرت حديثاً للدكتور عبدالله الصالح العثيمين تمحورت حول الولايات المتحدة الأمريكية.. آمل نشر التعقيب ولكم الشكر.
يبدو أن د. عبدالله الصالح العثيمين كان متحمساً لفرصة الكتابة عن الولايات المتحدة الأمريكية، فقد سيطرت (أمريكا) على جل كتاباته الأخيرة وقد ظهر في كتاباته عمق تأثره بما يراه نمطاً متأصلاً من العداء الأمريكي لقضايانا وتطلعاتنا فخرجت حروفه متوترة وأصبحت محصلة مقالاته سلسلة من الانتقادات لتلك البلاد وتاريخها وقادتها وتراثها ورموزها حجبت موضوعية المقالات وأصبح القارئ في حيرة من أمره نحو الهدف من وراء هجوم الكاتب على بلد معين، أم أن الموضوع لا يعدو تنفيساً وترويحاً عن نفسه، فليس هناك ما يدل على أن الكاتب من الذين يبحثون عن أي فرصة لزيادة مخزونهم من المؤيدين والمتعاطفين الذين يتم تعليبهم وتغليفهم للمستقبل، أو من أولئك الذين يفاخرون بعدد زوار مواقعهم الإلكترونية.
وحقيقة الأمر هي أن الأدوار المخزية التي تأتي عن طريق أمريكا منذ فترة يجب ألا تعمينا عن القراءة السليمة للأمور خشية أن نقع في عكس ما نريده وهذا ما أعتقد أن د. عبدالله الصالح العثيمين يعاني منه هذه المرة.
ويبدو أن السبب هو أن العاطفة القوية ضد (إمبراطورية الظلم) منعته من التعمق في الجوانب التاريخية لصراع الكبار مع غيرهم، وفي تاريخ أمتنا شواهد وأمثلة كثيرة يمكن الرجوع إليها وأخذ العبرة منها.
وعندما يكون الحديث عن أقوى دولة في العالم الآن وربما عبر التاريخ البشري فإن شروط التعامل مع تلك الدولة وسلبياتها تكون أكثر تعقيداً وأشد دقة، ويجب علينا أن نكون مؤهلين للدفاع عن حقوقنا أمام تلك القوة الجبارة وألا يكون منتهى قدرتنا أقسى كلمات الانتقاد والاستشهاد بما يقوله أعداء تلك الدولة لأهدافهم الخاصة، فتكون النتيجة التحريض والشحن ضدها واستعداءها أكثر وأكثر إلى درجة تنعدم معها قدرتنا على درء المخاطر الآتية عن طريقها. والمطلوب من د. عبدالله العثيمين وهو دارس التاريخ أن يتأكد ويؤكد لنا فهمه العميق للعلاقة السعودية - الأمريكية كجزء من الإطار الأكبر للعلاقة الأمريكية مع الأمة العربية و - أو الإسلامية بسلبياتها وإيجابياتها وكيف - أو هل - وصلت به القناعة إلى أنه من الأفضل التضحية بالعلاقة السعودية الأمريكية من أجل هدف أسمى نحن نجهله؟
والله من وراء القصد..
م. منصور الحميدان |