يدعي الصهاينة والإسرائيليون أننا أمة لا تقرأ، لذا فهم يخططون علانية وينشرون أهدافهم ومقاصدهم دون خوف أو وجل من إطلاعنا عليها لأنهم على يقين أننا لن نقرأها، ونحن بطبيعة الحال عارفون ومطلعون على كل ما يخططون ويرمون إليه، ونعرف مساعيهم ومقاصدهم، سواء ما أعلنوا عنه أو ما تستروا عليه. وإن تخاذلنا، أو بالأحرى خذلنا، فلن يدوم ذلك وهذه سنّة الله في خلقه، فالأيام دول يوم لك ويوم عليك، وهو جل شأنه يقول: { وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ } (140) سورة آل عمران، ولو كان اليوم لنا لتغيرت كثير من الأمور وتبدلت وتأخر النصر الحاسم الذي وعدنا الله به في آخر الزمان، فإن كنا وقد شهدنا ما تتعرض له الأمة من محن فنسأل الله أن يبقينا حتى نرى ما يهبه لها من منح.
أعود إلى من يزعمون أننا أمة لا نقرأ، وأسأل: ماذا عنهم هل يقرأون ما نريد وما نفكر به؟ لا أظن ذلك، وإلا لو كانوا يقرأون لقرأوا أكثر كتبنا انتشاراً وأسهلها فهما, ففيه الكلام والمكاشفات المتعلقة بهم ما لا حصر له، وفيه من السيناريوهات والأخبار المستقبلية ما يصعب تصديقه، ولو كان من عند غير الله لما صدق أخباره عاقل. فحين نرى القوة والتقدم التقني والعسكري الذي وصلت إليه إسرائيل والغطرسة والتعالي الذي تتعامل به مع جيرانها العرب، وأحيانا مع العالم بأسره، لقلنا: إن هذا الكيان في طريقه ليكون دولة عظمى يحسب لها العالم ألف حساب، ولكن عندما نرى هجرة اليهود إلى فلسطين وتجمعهم فيها نعلم أن في الأمر سراً مكشوفاً، ولو قرأوا وتدبروا لأدركوا ذلك السر ولما استعجلوا في تجميع أقرانهم في هذه الأرض المباركة، ولكنهم فعلوا كل ذلك بتدبير من عند رب السماوات والأرض الذي لا يغرب عنه مثقال ذرة، وعلى حين غفلة منا ومنهم فنحن كارهون لتوافدهم إلى هذه البقاع المباركة، وهم فرحون متباهون بهذا المقدم الذي، بإذن الله، لن يكون بعده هجرة إلا لباطن الأرض على أيدي الأخيار من المسلمين الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وأنا حين أورد ذلك أتذكر قوله تعالى: {وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ} (216) سورة البقرة، وهو ما ينطبق على حال الكثير منا تجاه مقدم اليهود لبلادنا، ولكن حين نقرأ قوله تعالى في سورة الإسراء: {وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُواْ الأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً} (104) سورة الإسراء. نعلم أن النهاية باتت وشيكة، ولو قرأوا هذه الآية لما توافدوا، ولكنهم قوم متعالون لا يقرأون ما لدينا، وإن قرأوا لم يلتفتوا إليه أو يعيروه اهتمامهم، فبمكابرتهم وتعاليهم حضوا قومهم على الهجرة وترك السلام والطمأنينة اللتين ينعمون بهما في بلدانهم البعيدة كروسيا والولايات المتحدة وأوروبا ليحضروهم إلى حي مهلكم الذي أصبح وشيكاً، مبدلين نعمة الله كفراً ومحلين قومهم دار البوار، فجهنم يصلونها، بإذن الله، وبئس القرار.
|