إنه مؤلف كتاب: (خريدة القصر وجريدة أهل العصر)، وهي موسوعة أدبية جامعة، ترجمت لشعراء وكتاب البلاد الإسلامية في العراق، وبلاد العجم، والشام، والحجاز، واليمن، والأحساء، والقطيف، ومصر، وشمال أفريقية، والأندلس، وجزيرة صقلية، وغيرها. والعماد الأصفهاني كان معاصراً للحملة الصليبية على الشرق. إن هذه الموسوعة تعددت الفنون الأدبية فيها، فهي تشبه الحديقة الغناء، كما تعددت أجزاؤها، لذلك تعدد محققوها في الوطن العربي، حيث شرع بعض الباحثين في البلاد التي تناولت الموسوعة دراسة الأدب فيها شعراً ونثراً، حتى بلغ من تصدى لأجزائه نحو أثنى عشر محققاً، وما زال كما قيل قسم بلاد العجم مخطوطاً لم يتم إخراجه، وقد صدر ما تم تحقيقه منذ ثلاثين سنة في أقطار شتى، وأصبح من العسير الحصول على كل ما طبع كاملاً.
* إن اسم ونسب العماد الأصفهاني هو: أبو عبد الله عماد الدين محمد بن صفي الدين أبي الفرج محمد بن نفيس الدين أبي الرجاء حامد بن محمد بن عبد الله بن علي بن محمود هبة الله بن أله، المعروف بالعماد الكاتب الأصفهاني.. وقد لقب الرجل بعدة ألقاب كعماد الدين الكاتب، أو العماد الكاتب، وأضيفت إليه ألقاب أخرى، مثل: الوزير العلامة، والإمام العالم، وينسب العماد إلى بيت فارس، كانت له السيادة والعزة في أصفهان.
* جاء في رواية عن العماد، أنه ولد في أصفهان، يوم الاثنين الثاني من جمادى الآخرة سنة تسع عشرة وخمسمائة هجرية، كما جاء في الجامع المختصر لابن السالمي (9-62). وفي البلد الذي ولد فيه تلقى تعليمه، فدرس القرآن الكريم والحديث الشريف وعلوم العربية، وفي سنة 532هـ سافر والده مع السلطان داود السلجوقي إلى الريّ فأخذه معه مع أخيه إلى.. قاشان ليلتحقا بالمدرسة المجدية، وبعد أن أقاما فيها سنة عادا إلى أصفهان، وانتقل منها سنة 534هـ إلى بغداد، فالتحق بالمدرسة التقنية على شط دجلة فمكث فيها ثلاث سنين، ثم التحق بعدها بالنظامية، وتزود من علومها على أيدي علمائها، أتقن فنون الأدب، وبرز في الإنشاء ونظم الشعر، وأجازه بعض العلماء، منهم أبو منصور الرزاز وابن الحصين والفراوي والجواليقي، وسمع من ابن خيرون وعلي بن الصباغ.
* ولما أتقن نظم الشعر والأدب، أخذ يتصل بالشعراء والأدباء كسيد الدولة الانباري الشاعر والناثر وابن أفلح، وشرع يطلب العلم في بغداد ثماني سنوات إلى قرب نهاية عام 542هـ، ثم توجه إلى الموصل ومدح وزيرها ثم عاد إلى أصفهان فأخذ يطلب المزيد من العلم، وفي سنة 548هـ، صحب شيخه جمال الدين الخجندي إلى الحجاز لأداء فريضة الحج، وبعد الفراغ من ذلك ساح في البلاد، ثم عاد إلى بغداد واتخذها موطناً.
* في سنة 552هـ، اختاره الوزير عون الدين بن هبيرة ليكون نائبه في (واسط ) وفي سنة 555هـ نقله إلى البصرة ثم أعاده إلى واسط، وبقي فيها إلى سنة 560هـ وفي هذه السنة توفى ابن هبيرة، فاستبد الخليفة بأسر ابن هبيرة وأعوانه واعتقل العماد مع من اعتقل من أبناء الوزير وزج بهم في السجن، وأخذ العماد يبعث إلى الخليفة (المستنجد) مستعطفاً في إطلاق سراحه، ويوم تحقق له ذلك، وجد نفسه بلا عمل ولا معين!.
|