* طوكيو - طارق عبدالغفار (أ ش أ):
أضحت اليابان ثانى أكبر اقتصاد في العالم أحد المحركات الرئيسية للنمو العالمي بعد فترة ركود طويلة دامت أكثر من عشرة أعوام انعكست سلبا على أداء الاقتصاد العالمي.
ويرى محللون اقتصاديون أن الاقتصاد اليابانى شهد نموا سريعا خلال الأشهر الستة الماضية فاق معدل نمو الاقتصاد الأمريكي الذى يعد الأكبر في العالم بإجمالى ناتج محلي بنحو عشرة تريليون دولار.
وتشير الإحصائيات إلى أن معدل النمو الاقتصادي باليابان بلغ 3.2 في المائة في العام المالي المنتهي في مارس الماضى وهو أفضل أداء قتصادي منذ عام 1996 ونمت البورصة اليابانية بنحو 45 في المائة خلال الأشهر الثلاثة عشر الماضية وزادت معدلات التوظيف حيث تراجع معدل البطالة إلى أدنى مستوى له خلال الأعوام الثلاثة الماضية ليصل إلى 4.7 في المائة.
وأوضح المحلل الاقتصادي بريان بريمنر أن الاقتصاد الياباني يسعى إلى فك الارتباط تدريجيا مع الاقتصاد الأمريكي لتفادى الصدمات والتداعيات السلبية الناجمة عن عوامل ذات صلة بالولايات المتحدة كالعجز المتزايد في الميزانية والميزان التجاري.
وأضاف أن التحسن الاقتصادي باليابان يرجع بصفة أساسية إلى عاملين رئيسيين الأول يتمثل في تزايد معدلات الطلب المحلي سواء في مجالات الاستثمارات أو الإنفاق الاستهلاكي والثاني يتعلق بالارتفاع الملحوظ في الصادرات اليابانية للسوق الصيني.
وشجع تزايد معدلات الطلب المحلي الشركات اليابانية على زيادة حجم منتجاتها المخصصة للسوق الياباني خلال الأشهر الستة الماضية حيث ارتفع معدل الإنفاق بنحو 7.2 في المائة في أبريل الحالي.
وقال المحلل جيفرى إيمليت إن النمو الياباني لم يكن متوقعا نظرا للصعوبات الاقتصادية التي واجهتها تلك الدولة مثل فترات الركود الثلاث خلال السنوات العشر الأخيرة والديون المعدومة بالمصارف اليابانية التي بلغت حوالى 160 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الياباني والانكماش والذي انعكس سلبا على الشركات وتأثر الصادرات سلبا بتذبذب الدولار والعجز المتزايد بالميزانية الأمريكية. وأشار إلى أن الاقتصاد الياباني ما زال يعاني من الانكماش رغم زيادة معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال الأشهر الستة الماضية حيث تنخفض الأسعار بنحو واحد في المائة في العام وتراجعت أسعار الأراضي لأول مرة منذ عام 1992 .
إلا أن محللين يابانيين توقعوا ارتفاع الأسعار تدريجيا في نهاية عام 2005 حال استمرار تحسن الأوضاع الاقتصادية مشددين على أن الديون المعدومة المتضخمة ونظام المعاشات يمثلان مشكلة حقيقية تواجه الاقتصاد الياباني خلال الأشهر القادمة.
ويعد تدني معدل الإقراض من جانب البنوك اليابانية مشكلة رئيسية تقلق بال الحكومة والمستثمرين حيث لا تتناسب معدلات الإقراض مع مكانة اليابان كقوة اقتصادية ثانية على المستوى العالمي. وتشير الإحصائيات إلى أن معدل القروض الممنوحة من جانب البنوك المصرفية تراجعت بنحو 50 في المائة خلال العامين الماضيين لتصل إلى 124 مليار دولار فقط بسبب تفاقم مشكلة الديون المعدومة.
ويتوقع صندوق النقد الدولي ارتفاع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الياباني إلى 4 في المائة العام الحالي رغم المتاعب التي يواجهها القطاع المصرفي بتلك الدولة - ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة. وأوضح أن تحسن موشرات النمو الاقتصادي باليابان سوف ينعكس بصورة إيجابية على الاقتصاد الأمريكي والعالمي العام الحالي رغم ارتفاع أسعار النفط.
ويرى محللون اقتصاديون أن البنك المركزي الياباني الذى أنفق في يناير الماضي حوالي 70 مليار دولار لمواجهة ارتفاع الين مقابل الدولار يسعى منذ سنوات عديدة إلى إيجاد آليات للتعامل مع قضية التراجع المستمر للدولار.
وقال المحلل الاقتصادي شيستر داوسون إن عددا كبيرا من الشركات اليابانية اتجهت إلى تنويع استثماراتها بالدول المختلفة لخفض تكاليف الإنتاج ومواجهة النقص في الصادرات إلى السوق اليابانية. وأوضح أن رؤية الشركات اليابانية تبدو واقعية لأن أسباب تراجع الدولار بصورة مستمرة تكمن في أمور خارج نطاق سيطرة بنك اليابان المركزي كالعجز في الموازنة والميزان التجاري بالولايات المتحدة.
وقال المحلل الاقتصادي بريان بريمنر إن الصادرات اليابانية للصين زادت من معدل الفائض في الحساب الجاري الياباني بنحو 11 في المائة حيث ارتفع إلى 150 مليار دولار عام 2003
وقد استفادت الشركات اليابانية العاملة بالصين من ارتباط اليوان الصيني بالدولار حيث طرحت منتجاتها بأسعار أرخص بالأسواق الدولية وزادت الصادرات اليابانية إلى الأسواق الأوروبية نتيجة ارتفاع اليورو أمام الين بنحو 7.7 في المائة العام الماضي.
وقال المحلل الاقتصادي شيستر داوسون إن الشركات اليابانية استوعبت الدروس المستفادة من تراجع الدولار طيلة الأعوام الماضية حيث اتجهت إلى نقل خطوط إنتاج كاملة إلى الأسواق الأمريكية والأوروبية والآسيوية وخاصة الصين وهونج كونج.
ويرى محللون اقتصاديون أن الصين تقوم بدور متنام في نمو الناتج المحلي الإجمالي باليابان التي تعتبر ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة.
وقال المحلل الاقتصادي بريان بريمنر إن الطلب الصيني المتزايد على الصلب الياباني ساهم في زيادة الأسعار لأول مرة منذ عام 2000 مشيرا إلى أن زيادة الصادرات اليابانية للصين تسهم في احتواء شبح الانكماش في الأسعار الذى عانت منه طوكيو طيلة الأعوام القليلة الماضية.
وارتفع الناتج الصناعي الياباني العام الماضي نتيجة زيادة صادرات المنتجات الصناعية إلى الصين.
|