دعونا نلعب!
هذا هو لسان حال الأطفال وهم مجتمعون يلعبون..
اللعب هو الشيء المفضل لدى الطفل، ففيه يقضي جل وقته، وبه تنمو شخصيته، ومن خلاله يتطور، وحين يتطور فهو ينمو، وحين ينمو يكون نشيطاً وفعالاً! ولا شك أن الأم تعي السرور الذي يبدو على رضيعها عندما يرفس برجله وكلما تهيأت له الفرصة لمزاولة هذا النوع من النشاط!
إن النمو العقلي يبدأ بالنمو الجسمي الذي يجب أن يشبعه الطفل بكل ما أوتي من قوة وبكل وسيلة ممكنة، بالحس وبالملاحظة، وبالأسئلة والاستفسار، وبالتدخل المباشر! ولهذا السبب كان علينا أن نزود البيت والروضة بأدوات اللعب التي تثير قوى الطفل العقلية وتحفزها على العمل..
إن الطفل من خلال لعبه يجمع الكثير من حقائق الكون، ومنه يبدأ في فهم بعض غوامضه وأسراره، فهو يكتشف مثلاً أن عليه أن يضع طوبة على الأخرى بشكل متوافق حتى يحفظ توازنهما، وان الشكل المستدير كالكرة يدور في كل الاتجاهات أما الأشكال الأخرى كالمربع والمستطيل فليسا كذلك! وهكذا يتعلم شيئاً فشيئاً الحقائق في كلمات وأشكال يسمعها أو يراها! كما أن الطفل لا يوجد لديه ما يمكن اعتباره عادياً أو تافهاً فكل شيء يثير فضوله ويستحق البحث والتأمل بالاكتشاف والسؤال عنه! إضافة إلى أن اللعب بالنسبة له صمام الأمان لعواطفه وانفعالاته فهو أفضل وسيلة للتعبير الواضح عما يشعر به، لأنه لا يستطيع الإفصاح عنها بالكلام، فإذا ألقينا نظرة على رسومه وعلى ما يقوم به من أعمال وعلى الأسلوب الذي يخاطب به ألعابه ودُماه فسنتعلم الكثير عن العالم الداخلي له ونكون قادرين على مساعدته في كفاحه للوصول به إلى درجة مناسبة من النضج والاكتمال.
وكل لعب يقوم به لتنمية جسمه وعقله وتطورهما هو في الوقت نفسه عامل على تطور انفعالاته وعواطفه، وهذا ما يجب أن يلقى عناية الكبار واهتمامهم لأن سعادته في المستقبل وسعادة الآخرين من حوله تعتمد إلى حد ما على التوازن في أحاسيسه والاعتدال في شعوره نحوهم ونحو العالم.
إن الاتجاه على أن يتعلم الصغار أكثر فأكثر وأسرع قد أخذ يغزو الروضة بعد المدرسة حتى وصل هذا الاهتمام إلى الأسرة! وقد وقعت رياض الأطفال تحت طائلة الضغوط بوجوب أن يتعلم الأطفال الحروف والأرقام نتيجة للشعار الذي يرفعه الآباء والأمهات بألا تكون الروضة مدرسة للهو واللعب! بل يجب أن يتعلم الصغار فيها القراءة والكتابة، والحفظ.. والحقيقة أن مرحلة الاستعداد عند الطفل لا تأتي من خلال القراءة بشكل منظم فحسب، وإنما أيضاً من خلال ما يمر به من تجارب وما يتعرض له من خبرات، فالتعليم لا ينحصر بالتحصيل الذهني فقط بل بالنشاط الجسمي والعاطفي، كما أن الأطفال بالروضة ينهمكون بنشاطات عقلية ومواقف حياتية دون أن يقرؤوا كتاباً واحداً فهم يتعرفون على مفاهيم تتعلق بالوزن والحجم والكمية عن طريق اللعب والنشاط، ويعرفون بعض مصطلحات الوصف مثل قصير، طويل، ثقيل، خفيف وغيرها..
لذا فحين نقول للطفل: العب.. فإن اللعب هو مدخله لعبور بوابة الحياة.
إذاً.. العبْ يا بني.. وتعلم.. وتطور.. فأنت جمال الحياة، ورونقها، وروعتها!!
ص.ب 260564 الرياض 11342
|