Saturday 2nd July,200411660العددالسبت 14 ,جمادى الاولى 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

مكافحتها من أولى المهمات مكافحتها من أولى المهمات
المخدرات من أخطر الآفات
محمد بن سعود الزويد / الرياض

تعد المخدرات من أبرز الآفات التي صادقت البشرية والعالم أجمع على تحريمها ، وقبله حرمها الإسلام وحرم مكسبها ومالها وما عليها كونها سلاحا تدميريا يغتال الإنسانية ويجتثها مؤرباً أوصالها قطعا من الحسرة والآسى على من يقع او يوقع نفسه فيها ، ظنا منه انه قادر على سحب نفسه منها ولكن هيهات فرقم الضحايا على مشارف القرن الحالي يكاد يفقد العقل صوابه عندما يقرأ اعدادهم على جنبات الصحف ، هذه الأرقام التي حولت الى جثث بأعداد عشرية وألفية مريعة لتكون فيما تبقى من سلسلة الارقام هامدة على غير ذي حراك لما كان الأمر كذلك كان الاعتبار الأول عن المخدرات هو طريق منحدر شديد الوعورة يجهل النور ولا يعرف له بصيص يطل من قريب او بعيد الا من رحم ربي.
وفي الدين والشريعة احكام وتعاليم لتنظير هذه المعضلة والتي أصبحت هجمة منظمة وشرسة أكثر من اي وقت مضى كونها بيت الشر ومفتاح الجريمة الجزئية والمنظمة ودافعها الى التردي والهوان ، فكان هذا المجتمع حازماً مع من أوكل لنفسه تدمير فاعلية القوة البشرية للمجتمع بدافع الحقد والكسب المادي وشرعت القوانين على ضوء من الكتاب والسنة لتكون ملجمة من لا لجام له. ولكن كيف هي حياة من أسقط في يده ووقع فريسة لها لابد وان الاعتبارات هنا سوف تأخذ أبعاداً أخرى من قبيل أن التسبب في الضرر واقع من الغير على آخر غير ذي صلة ولكن كيف يمكن التقاط انفاس المتردي من ذلها وهوانها وكيف هي النفس البشرية عندما تستعبدها مثل هذه الآفة فتصبح أسيرة لها وكيف هي حال المدمنين مع العالم من حولهم وكيف يقبض المدمن يده ليفتحها فلا يعلم او يدرك ان كانت فتحت بارادته أم خانه تعبير لأمر العصبي في جسده وفتحت بغير علمه لتمدد الى الصغار والهوان مجتمعين تحت وابل من الأوامر العصبية التي يعجز عن تنفيذها فيما تبقى من عقله المتعب المثقل.
ولعل المجتمع يوكل اليه عملية إتاحة الفرصة العملية والجادة لمن بدأ يتعافى او حتى ممن عزم الأمر على الخلوص من هذا الشراك والسبب في تحميل المجتمع ذلك يمكن تبنيه في ان الانزواء والتوحديه التي عاشها المدمن او المريض كانت في ظل الخفية من اقران السوء أما الآن فإن النظر سوف يكون علنياً تخاطباً وتعاملاً . وقد يجد المتعافي ضيقاً وحرجاً شديداً في مسألة التخلص من النظرات غير المريحة له من جهة والمخذلة والمحبطة من جهة أخرى كما أن المسافة بين المتعافي ودخوله المجتمع من جديد لا بد وأن تكون قصيرة بحيث لا يتاح لها الفرصة لخلق اشكال قد يوقع المتعافي تحت طائلة جاذبية قانون الرجوع الى دائرة غير المألوف مرة أخرى ، أضف الى ذلك ان المجتمع بمؤسساته هو من يستطيع إعداد مكان العمل المناسب والمهيأ (إنسانياً) على التعامل الأمثل مع المتعافي من غير الشفقة او نظرة العار او التحسس من التعامل معه.
أما على الصعيد الأسري فإن المتعافي من الحالة المرضية سوف يكون تحت رحمة الفراغ ورفاق السوء وكلاهما سوف لن يكلا في الضغط عليه لإعادته الى فجاج الطريق غير السوي مما يعني ان الجهد سوف ينصب نحو شغل الوقت بما لا يوقع الملل في نفس المتعافي او يفتح المجال او يعيد اعراض السحب الدوائي على مفكرة المتعافي مرة أخرى ومن الضرورة عدم استبعاد الأسرة من هيكل البرنامج العلاجي حتى ولو ان بعض المتعافين ممن لا يعيشون في كنف اسر سواء ممتدة أو قصيرة بل قد يعيشون بشكل منفرد على اثر الحالة المالية او التخلف الدراسي او العلة المالية السابقة ، وبالتالي فإن حجم التعامل والتكثيف يخضع لمحيط المتعافي على مستوى المعيشة اليومية والمحيطين به من الأسرة والأقارب والأصدقاء.
كما أن دور مؤسسات الدولة الاجتماعية والأمنية والشبابية مهم في شأن تقبل المتعافي وفتح المجال للإبداع والانخراط في عمل أو مجال حيوي جديد سواء على المستوى المهاري او العمل الحر أو تكوين العلاقات ومنح الثقة بشكل أكبر لتسهيل مهمة الانخراط من جديد في المجتمع وتحويل العناصر الايجابية في شخصية المتعافي الى طاقة تستقل في بناء شخصيته من جهة وفي استفادة المجتمع منها من جهة أخرى هذا كله سوف يرفع من مستوى ودرجة التعافي الصحي وتخلص الفرد من شراك الآفة بما لا يتيح للعودة او حتى التفكير في استدراج الفراغ لملئه بما لا يحمد عقباه.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved