ينشأ الإنسان بقدرة الله في بداية خلقه وتكوينه عبر جسد المرأة؛ فهي الحاوية له، ترعاه لحظة بلحظة، تكابد وتتعب في تحمله في داخلها لفترة حتى قدومه إلى الدنيا؛ فتكمل الرعاية والحضانة حتى يبدأ في الاعتماد على نفسه؛ لهذا فهي اقرب الناس اليه بحنانها وعطفها فتدفع من جسدها الشيء الكثير.
هذا هو عنوان المرأة منذ الأزل ولا يزال إلى يومنا الحاضر لكنه شهد تغيرا في اغلب المجتمعات، هذا التغير لم يكن جديدا أي أنه كان موجودا وكان يتم احيانا على حسب الحاجة وهو الخروج إلى العمل، فمع تطور الحياة ومطالبها انتقلت من العمل في الريف والمزارع الى العمل في جوانب عدة فحصلت على التعليم الذي انتشلها من الجهل الى نور العلم فتغير مسار حياتها ولم تعد هي الإنسانة التي ينحصر دورها في البيت.
ولكن هل حققت كيانها وذاتها عبر خروجها من البيت؟ يبدو أن الأمر يخضع لمقاييس الرجل الذي إلى الآن لم يفهم دورها على الوجه الصحيح فهو وان تعلمت وزادت معرفتها الا انه يضعها في صورة التحفة والوعاء في أي مجتمع حتى وإن كان مجتمعا متقدما فلقد نشأت صور مشوهة لحقيقة المرأة وذلك بسبب استغلال الرجل لها فوضعها في أماكن احياناً نزع منها انوثتها فجعل منها بضاعة رخيصة ومبتذلة فاستغل جسدها عبر الأزياء وأغلفة المجلات وممارسة البغاء، نعم هي رمز الجمال في هذا الكون الذي تغنى به الشعراء وكتب عنه الأدباء، لكنه عندما يأتي ليصنع منها تمثالاً يكون عرضة للداني والقاصي فإنه يعود بها إلى الجاهلية التي نلاحظها تطل علينا بين فترة واخرى في ادعاء بأنه يمثل حرية المرأة التي ضاقت ذرعاً في بعض الدول التي تجيز الرذيلة؛ فشهدنا بعض المظاهرات النسائية التي تقول: اعيدوا لنا انوثتنا فلقد اصبحت الحرية مصدرا لتعاسة المرأة. ويتضح هذا اكثر من خلال بلد ينعم بالرخاء والحرية المطلقة مثل السويد عندما جاء تقرير عن معهد استوكهولم الاجتماعي الذي يقول: ان المرأة ضاقت ذرعاً بحياتها ونمطها الروتيني فكان منها أن ارادت أن تغيره بسبب الحرية فتذهب لممارسة الرذيلة حبا في التغيير لا أكثر فأي واقع للمرأة نحب أن نراه؟
هذا من جانب ومن جانب آخر ساهمت المرأة في تشويه صورتها من خلال عنايتها المفرطة بالجسد على حساب الرفع من القيم الفكرية التي تعلي من مكانتها فغرقت بشكل جارف في محاولة وأد عوامل الزمن ورحلة السنين والذي اصبح شغلها الشاغل وهاجسها لكيلا تخسر زوجها أو المحيطين بها فوقعت فريسة لمحلات الجمال والأزياء التي اخذت تستنزف كل وقتها ويعد هذا خسارة جسيمة لأن هذا ينعكس على تربية اولادها ورعايتهم وهي بسبب جهلها في هذا الجانب وعدم فهمها له بشكل سليم تتسبب في اخراج جيل فاشل؛ فالأم مدرسة.
ونحن لا نطلب من المرأة أن تظل مهملة لجمالها والعناية به وكذلك عملها ولكن عليها أن توجد ذلك التوازن الذي لا يخل بصورتها ويجعلها في وضع متساو بين متطلباتها ومتطلبات أسرتها وبيتها. وهناك الكثير من الأمثلة على نساء اعطين مثالاً رائعا في هذا التوازن بل كن بارزات ومشهورات ومن هؤلاء باحثة البادية (السيدة ملك حفني ناصف) فكانت امرأة عصرية ذات اثر فعال فليت النساء تعي وتستفيد من تجارب الناجحات من بنات جنسها بدلاً من الغيرة التي تأكل المرأة بسبب لباس أو حلي أو مظهر جمالي زائل.
|