Saturday 2nd July,200411660العددالسبت 14 ,جمادى الاولى 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "أفاق اسلامية"

أمن الوطن مسؤولية الجميع أمن الوطن مسؤولية الجميع
حصة بنت عبدالرحمن الوايلي ( * )

من أعظم النعم التي امتن الله بها على عباده نعمة الأمن قال تعالى: {وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ}, وهذه النعمة لها ارتباط وثيق بإقامة العبادات والشعائر الدينية، ففي ظل الأمن الوارف يكون بوسع الفرد أن يؤدي عباداته بطمأنينة وهدوء نفس ويقوم بواجباته ومصالحه في راحة بال، في ظل الأمن تأمن السبل وتزدهر الحياة ويتفرغ الناس لعمارة الأرض وخدمة دينهم ووطنهم والإسهام في نهضته وقوته, في ظل الأمن تنمو الصناعات وتتعاظم المنجزات الحضارية, ويعم الرخاء وينتشر العلم وتنشط الدعوة إلى الله وتزداد فرص الإصلاح وتضيق دائرة الإفساد.
وحين تضطرب الأمور ويختل الأمن ويفشو الإجرام يحل الدمار ويعم الفساد وتختنق الدعوة وتنتشر الفوضى وتطل الفتن برأسها ويقوم سوق المنكرات، وهذا وغيره يعظم في النفس أهمية الأمن ووجوب المحافظة عليه إذ الحفاظ عليه حفاظ على الأرواح والممتلكات والأعراض والدين.
والحفاظ على الأمن ليس مقتصراً على الجهات الأمنية التي تقوم بجهود كبيرة في ذلك, وإنما هو مسؤولية الجميع كل في موقعه، الآباء في بيوتهم مع أولادهم والمدرسون في مدارسهم مع طلابهم والدعاة في دروسهم والخطباء في مساجدهم والكتّاب في صحفهم، الكل معنيون بهذا الأمر وعلى الجميع أن يتعاونوا على ما يسهم في إعداد جيل سوي قادر على تحمل مسؤولياته تجاه دينه ووطنه ومجتمعه، لا بد أن نربي فيهم المبادرة على كل فعل جميل نافع أن يكونوا منتجين معتزين بوطنهم فخورين بانتمائهم إليه منافحين عن سمعته مدافعين عن منجزاته ومقدراته محافظين على مكتسباته يعملون على رقيه وعزه ويسهمون في نهضته وتقدمه ولا يسمحون لأحد أن ينال منه أو يحدث فيه فساداً, ولا يكون ذلك إلا بغرس حبه في نفوسهم وتقوية شعورهم بأنهم جزء منه، فعزه عزهم ورقيه رقيهم والاعتداء عليه اعتداء عليهم.
إننا بحاجة ماسة إلى أن نحمي الناشئة من موجات التضليل والتغرير والشحن ضد هذا الوطن الغالي، علينا أن نحصنهم ضد الفيروسات الفكرية والسلوكية المنحرفة والمناهج الضالة, إن من الأهمية بمكان أن نربيهم على الاعتدال والتوسط في الفكر والسلوك والمعاملة، وديننا دين الوسط لا إفراط ولا تفريط لا غلو ولا جفاء, قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً}, ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إياكم والغلو فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو) , من الأهمية بمكان أن نزرع في نفوسهم الأخلاق الفاضلة والمعاني الجميلة والصفات النبيلة من الرفق واللين والحلم والأناة والعفة والرزانة والحكمة والثقة بالنفس والاحترام وحسن السمت وننفرهم من صفات النزق والطيش والتهور والحماقة ومساوئ الأخلاق.
علينا ان نعودهم على علو الهمة والتحدي والإصرار والمثابرة نعلمهم احترام ولاة أمرهم وعلمائهم ومعلميهم الخير, أن نعينهم على صقل مواهبهم وتطوير قدراتهم والارتقاء باهتماماتهم في عملية متوازنة تلبي حاجات الروح ولا تغفل عن حاجات الجسد المشروعة تعمل للآخرة ولا تنسى نصيبها من الدنيا وعلومها حتى ينشأوا بشكل سوي بعيداً عن الاضطراب النفسي أو الازدواجية الشخصية.
إننا مطالبون بأن نمنح هؤلاء الناشئة مزيداً من الرعاية والعناية والاهتمام وحسن التربية في جو يسوده الهدوء وتعطر أجواءه السكينة.
إننا حين نهمل هذه المسؤولية العظيمة فإننا نتركهم فريسة لمن يصوغ أفكارهم ويحدد توجهاتهم ونوازعهم إلى الشر والفساد وبذلك نرتكب جريمة كبرى في حق ديننا ووطننا ومجتمعنا وناشئتنا.
وإن من أعظم ما يعين على ذلك أن نكون نحن الكبار على مستوى المسؤولية في أنفسنا وتصرفاتنا وأخلاقنا وعلاقاتنا فما نكون عليه سيكون عليه أولادنا, فلا بد أن نكون أهلاً للقدوة الحسنة في أقوالنا وأعمالنا وتصرفاتنا.
وفي ظل الظروف الحالية تتأكد مراجعة الذات لتدارك ما فات وتلافي جوانب القصور في شخصيتنا وتعاملاتنا وصلاتنا وعلاقتنا بربنا ونظرتنا لوطننا واخواننا, لنمد جسور المودة والمحبة فيما بيننا ولنقوي أواصر الروابط الاجتماعية فينا ولنوثق عرى التعاون على البر والتقوى, ولنعلم أن عزنا ورفعتنا ومجدنا مرهون بشيئين, الأول: مقدار تمسكنا بهذا الدين لأنه أساس قوتنا ونهضتنا ومهما ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله, والثاني: ترابطنا ووحدة صفنا واجتماع كلمتنا فالجماعة رحمة والفرقة عذاب, وائتلاف القلوب وتوادها قوة وأمان وتنافرها واختلافها ضعف وهوان.
وإننا في الإدارة العامة للتربية الاسلامية في شؤون تعليم البنات ندرك هذه الأمور جيداً ونعمل على تفعيلها وبرامجنا وأنشطتنا تعمل على تحقيق تلك المطالب العالية في منسوبات التعليم, عنواننا الهدوء والرفق واللين وحسن المعاملة: المعاملة مع الله جل وعلا بالاجتهاد ان تكون صلتنا به -سبحانه- في غاية الإحسان والاخلاص والمتابعة, والمعاملة مع الخلق بأن تكون قائمة على حسن الصلة بهم والرحمة لهم والتلطف معهم واحترامهم ورعاية مشاعرهم وأداء حقوقهم والتغاضي عن هفواتهم وزلاتهم وطيب الكلام معهم والبِشر في وجوههم مستمدين العون من الله -سبحانه- مسترشدين بتوجيهات ولاة الأمر ملتزمين بما عليه علماؤنا متعاونين مع المسؤولين في شؤون تعليم البنات, نجتهد في استثمار الطاقات فيما يعود على وطننا بالعز والرفعة وعلى بناتنا بالسعادة والصحة النفسية والعقلية والفكرية والجسدية, ونتطلع إلى ان نكون يداً واحدة وصفاً واحداً في وجه المفسدين والمخربين وان نتعاون مع رجال الأمن ندعو لهم ونؤازرهم ونساندهم في مهمتهم للقضاء على البغاة والمجرمين.
نسأل الله ان يحفظ هذا الوطن العزيز وان يزيده عزاً وقوة وان يكبت اعداءه ومن يريد به شراً.. والحمد لله رب العالمين.

( * ) مديرة الإدارة العامة للتربية الإسلامية بشؤون تعليم البنات


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved