(الموضة) معروفة حتى في الطب! وليست مقتصرة على الأزياء..
وكانت (الموضة) الدارجة حتى الآونة الحديثة، أن لوزات الحلق لا منفعة منها بل انها موضوع أشبه بخزان للجراثيم ويستحسن استئصالها في أول مناسبة.
وإذا بالأوضاع تنقلب في السنين الماضية فتصبح اللوزات في نظر الطب الحديث أجساماً نافعة جداً للبدن الانساني.
كانوا حتى عشرين سنة خلت يتهمون اللوزات بكل (الجراثيم) ويقولون انها أصل كل علة، لأنها أسفنجية التركيب، دائمة الرطوبة وموضوعة في مضيق الحلق كالحاجز الذي تعرف مضراته ولا أحد يعرف منافعه!.
ومن مضرات هذا الخزان الجرثومي في نظر أطباء الأمس أنه سبب الضنكة الصدرية وتأخر النمو البدني بل إنما هو أيضا سبب التخلف المدرسي!.
وهذا ما كان يحمل الأطباء الى استئصال اللوزات من جانب الوقاية، عملا بالمثل القائل ان الوقاية خير من العلاج.
اللوزات جنود البدن!
وانقلبت هذه العقلية إثر الأبحاث الطبية التي أجرتها خاصة المدرسة الفرنسية، وكانت خلاصة الاختبارات مدهشة جداً، إذ ثبت أن اللوزات مركبة من نسيج كثير الكريات البيض وبالتالي شديد الافتراس للجراثيم! ولذلك شبه طبيب باريسي اللوزات بكتيبة من الجنود واقفة بالمرصاد للجراثيم المتهجمة على البدن.
وعلى هذا أخذت المدرسة الطبية الجديدة تحذر الناس من التسرع في استئصال اللوزات، إلا لأسباب قاهرة، كالالتهاب الذي يحولها فعلا الى خزان مشحون بشتى أنواع الجراثيم.وإذا لوحظ بعض التضخم في لوزات الطفل فلا يجوز الاسراع الى المبضع، لأنه طبيعي أن تكون ضخمة في طور الطفولة، ولا تلبث أن تعود الى حجمها الطبيعي في طور المراهقة.
اللوزات مصنع للأجسام المضادة
وجاءت أبحاث المدرسة الأمريكية مصداقاً لنتائج الأبحاث الفرنسية. فإن الأستاذ أوكرا في مستشفى بوفالو في نيويورك أعلن مؤخراً هذا الاكتشاف عندما تهاجم البدن جراثيم شلل الأطفال فإن نسيج اللوزات اللمفاوي يمتص أكثرها ويتشبع بها.
ومما يساعده على افتراسها أنه اسفنجي التركيب فيحفظ هذه الجراثيم الخبيثة ويشرع في توليد الأجسام المضادة اللازمة لاتلاف جراثيم شلل الأطفال.ولاحظ الأستاذ الأمريكي أن نسبة الأجسام المضادة لدى الأطفال الذين أجريت لهم عملية استئصال اللوزات، أقل مما هي لدى الأطفال المحتفظين بلوزاتهم.
وقال أيضا إنه لا يستبعد أن تمثل اللوزات دوراً في وقاية الانسان من الأورام السرطانية إذ ثبت أن أصل السرطان أصل جرثومي.
ولا ريب أن هذه النتائج ليست سوى (نظرية جديدة) ومجرد احتمال. إلا ان الاجماع كاد يصبح سائداً بين الأطباء في الساعة الحاضرة، على أنه لا ينبغي استئصال اللوزات لأي سبب مثلما كانت العادة دارجة بالأمس. لاسيما أن عملية الاستئصال يمكن اجراؤها في أي وقت إذا اقتضتها الحاجة فمن الزاوية الجراحية قلما تحدث مفاجآت في هذا الشأن.
ومما يذكر أن العملية تجرى بالسهولة نفسها على الطفل وعلى الطاعن في السن، بمعزل عن أي خطر كالنزيف وغيره.
|