سعادة رئيس تحرير جريدة الجزيرة
الأستاذ خالد بن حمد المالك.. الموقر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
رداً على ما كتبه الأخ حماد السالمي في جريدة (الجزيرة) يوم الأحد 25- 4-1425هـ بعنوان (عودة مرة أخرى إلى المراكز الصيفية ومخيمات الدعوة).
أقول: إن من الخطأ أن يعالج المرء مواضيع هامة لا تخص فئة من الناس بعينها، إنما تخص المجتمع بأكمله يعالجها من منظور شخصي، ولو فكر الأخ حماد بما كتبه بعين ثاقبة ووضع مصلحة المجتمع أمام ناظريه لما كتب ذلك المقال، وأتساءل ما العلاقة بين ظهور جماعات الإرهاب والتي لا يرضاها أي مسلم، ولا يقبلها أي عاقل في مجتمعنا الآمن وبين المراكز الصيفية ومخيمات الدعوة..؟، وهل يظن الأخ حماد أن المراكز الصيفية هي سبب في ظاهرة الإرهاب وجماعات التكفير..؟، إن كان يظن ذلك فعلاً فماذا يقول إذاً عن خروج الخوارج في صدر الإسلام، وخروج جماعات التكفير والقتل والتي هي شبيهة بالجماعات الإرهابية الموجودة في هذا الزمن..؟، ماذا يقول عن سبب خروجها في ذاك الزمان، هل هو لأن الإمام علي رضي الله عنه وأرضاه لم يقم بإغلاق المراكز الصيفية...؟ أم لأن الإمام علي رضي الله عنه لم يُعد النظر في المناهج الدراسية، أم لأن الإمام علي رضي الله عنه كان يقصي الرأي الآخر، ويزرع الكره والبغض للآخر..؟، حاشا لله أن يكون الإمام علي رضي الله عنه، أو أي أحد من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم سبباً لخروج الخوارج أو نشوب الفتن ومع ذلك حصلت.
أنا لا أعني بكلامي هذا أنه لا توجد أسباب ساهمت في ظهور الفئة التي تمارس الإرهاب والقتل والإفساد، بل أقول إن هناك أسباباً ربما تكون معروفة لدى هذا الكاتب أو غيره، ولكن لا يريد ذكرها أو التعرض لها لأسباب تعود إليه.
وبنظري فإن من أهم أسباب ظهور الإرهاب:
أولاً: ذهاب شبابنا إلى أفغانستان في جهادهم ضد الروس دون علم شرعي، أو حصانة فكرية ووطنية مما جعلهم عرضة لتلقي أفكار المفسدين هناك خصوصاً وأن معظمهم من صغار السن قليلي العلم والفقه.
ثانياً: عدم استيعاب الشباب للمتغيرات السياسية على الساحة الدولية خصوصاً في السنوات الأخيرة، والتي حدث فيها تغيير عجيب لافتقار شبابنا إلى الحصانة العلمية الشرعية التي تجعلهم يتحمّلون تلك المتغيرات السياسية ويربطونها بقاعدة المصالح والمفاسد وفقه الأولويات.
مما سبق يتبيّن أن هذا الكاتب وغيره قد أقحموا أموراً ليست والله من الأسباب بل ناقضوا أنفسهم بأنفسهم فهو يطالب بكتاباته بعدم إقصاء الآخر، وهو في مقاله هذا يقصي الآخر، وإلا ما معنى أن يلغي كل حسنات المراكز الصيفية وكل حسنات من يتخرَّج منها، والذين يتبوأ معظمهم الآن مراكز مهمة في وطننا الغالي، كيف يُلغي كل تلك الحسنات بسبب حادثة أو حادثتين استشهد بهما في كتاباته، أليس هذا إقصاء للآخر، فكيف إذاً ينهى عن خُلق ويأتي بمثله أو أشد، ثم أين يريد أن يلتحق شبابنا في العطلة الصيفية - أكثر من مليوني طالب ومثلهم طالبات - أين يذهبون هل يريد هذا أن يذهبوا إلى هؤلاء المفسدين ليجتمعوا معهم في استراحات مشبوهة، أو أماكن سرية ليغذوهم بالأفكار المنحرفة، والتوجهات الخطيرة، فكان الأولى به أن يُطالب بمراقبة المراكز ومتابعة برامجها لا أن يلغيها أو يحوِّلها إلى ثكنات عسكرية إجبارية.
أخيراً.. على الأمة وعلى المجتمع جميعاً أن يلجأوا إلى الله بالدعاء أن يعيذنا من شر هذه الفتنة وأن يحفظ أمننا، وعلى الناس جميعاً أن يعودوا إلى ربهم ويقلعوا عن أسباب سخط الجبار عز وجل، لكي يرفع الله عن مجتمعنا هذا البلاء وهذه الفتنة، إنه سميع مجيب (إن أردت إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله).
عبدالعزيز بن محمد المديهش |