كل من عاش قريباً من أخلاق الشعب السعودي العظيم يكتشف سريعاً نبل أخلاق ورفعة مشاعر هذا الشعب بأفراده المؤمنين بالله سبحانه، والموالين لقيادتهم الرشيدة من أسرة آل سعود الذين توارثوا المجد والصلاح كابراً من كابر، ويدركون بأن هذا الذي يجري من أعمال إرهاب لهو وافد جديد وغريب عن سلوك شعبنا المبرأ من كل زور وزيف، وأنه لم يحدث أن جرى ما يشبه ما يجري الآن على مدى تاريخ هذه المملكة الشامخة على مر العصور وعبر تاريخها المجيد.
لقد عاش الشعب السعودي على أرض المملكة الطاهرة منذ قديم الزمن في بيئته الطيبة مسالماً أميناً على دينه وماله ورزقه، فاتسمت اخلاقه بالطيبة وبراءة السلوك وحسن المعشر، وما نراه في هذه الأيام من أفعال باطلة وإرهاب وضلال لهو أمر غريب تماماً ولا يتفق مع سلوك شعبنا العظيم، بل هو فسق وردنا من الكارهين لدين الله الضالين الذين لا يعيشون إلا على دماء الأبرياء بما يخالف شريعة الإسلام السمحة وأبسط مبادىء أخلاقنا العربية النبيلة، وكان لا بد ان يتصدى هذا الشعب بقيادته وأفراده لهذه الظاهرة الغريبة ويجند كل طاقاته في سبيل قمع وتأديب كل عابث بالأمن ليعود الوجه المشرق الوضاء والبسمة الطاهرة والأمان يظلل المملكة العربية السعودية لتواصل المضي على طريق التقدم والازدهار، سياجاً أميناً على دين الله، وحديقة إيمان وارفة الظلال.
ومن أجل ذلك كله، وفي شهامة نادرة فرض الواجب المقدس ان تتسنم قوى الأمن واجبها ومسؤولياتها بشجاعة واقتدار لاجتثاث جذور الشر، وكلنا ثقة وإيمان بقدرة هؤلاء الرجال الغيورين وقد وصل خبرهم وعلمهم للداني والقاصي على أنهم الرجال الأوفياء الأشاوس الأمناء على أمننا، الموصوفون بالشدّة والحزم وقوة الشكيمة ومضاء العزيمة، يدٌ قادرة قوية على أعداء الخير والحق والجمال، على تلك الطغمة المضللة الذين يحاولون بتحريض من جهات مشبوهة غرس بذور الفتنة في بلدنا الآمن، فباعوا ضمائرهم وأصبحوا أيادي مطلقة للشر، خادمة رخيصة لتنفيذ مخططات الأعداء الحاقدين على دين الله، الذين مُلئت ضمائرهم السوداء حقدا وحسداً وهم يرون الاستقرار والأمن والرفاه والطمأنينة ورغد العيش يظلل ارجاء الوطن المعطاء فجندوا بعض ضعاف النفوس، الضالين والمنحرفين عن جادة الطريق المستقيم، ووجدوا فيهم منفذا وأفراداً بلا ضمائر ينفثون من خلالهم سمومهم وحقدهم الدفين على شعب آمن ومؤمن بربه وتعاليم شريعته، يعيش في أمان ويمارس حياته بطيبة، ثقافته الخير والعطاء والكرم وسعة الصدر والترحيب بالقادمين إليه زائرين أو مقيمين أو لممارسة شعائرهم الدينية وعاملين في سبيل شرف الرزق يجدون في رحاب المملكة وبين أهليهم الذين (شكروا الله فزادهم فضلاً منه ونعمة) كل خير وسعة رزق وسيظل إن شاء الله ديدن أهل هذا البلد الطيب هذه الصفات السمحة ورضاء النفس والقناعة وكرم الضيافة وحسن استقبال الوافدين والقادمين إليها طلباً للرزق في أرض الحرمين الشريفين والبقاع المقدسة والرحاب الطاهرة ترفرف فوق رؤوسهم حمائم المحبة والسلام لا صخب الإرهاب أو قعقعة السلاح وزخات الرصاص المجنون.
أليس غريباً عن حياتنا وعن مجتمعنا هذا الذي يجري ونسمع به ونراه؟ وكيف تتفق هذه المجريات مع فطرة الشعب السعودي المسالم الذي طبع بخصال الرحمة وإغاثة الملهوف وعون الضعيف وإجارة المستجير؟ واستقى أخلاقه من تعاليم الدين الإسلامي الحنيف دون مغالاة ولا تفريط، هذا الدين العظيم الذي صدَّر المدنية والحضارة والأخلاق إلى بقاع الأرض، ونشر الرسالة الطاهرة الطيبة بالمحبة واللين، ولم يكن غاصباً ولا ظالماً حتى وهو في أوج قوته، ولم يتعدَ على فكر الآخرين ولا على معتقداتهم، بل كان الخير للبشرية والإنسانية، وهذا الشعب العظيم هو الرمز لكل هذه الصفات، والأسرة الحاكمة منذ أسس بنيانها الأول صقر الجزيرة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه على التقوى ورصّ الصفوف والتوحيد، وخرج منه النسل الطيب المُربى على القيم والتعاليم السمحة توارثوا المجد ملكاً على خطى ملك وصولاً إلى مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين أمير القوة والشهامة عبدالله بن عبدالعزيز، وثالث درر العقد سمو أمير الخير سلطان بن عبدالعزيز والعزوة الصالحة القائمين على الحكم بما أنزل الله لا تفتر لهم عزيمة ولا ينشدون غير حماية الدين ورفاه شعبهم.
هذا الشعب العظيم وهو يعيش الآن أوقاتاً عصيبة من القلق والخوف على حياته وممتلكاته ووطنه ودينه يتمسّك بكل ما أوتي من قوة بتلك الأخلاق الطيبة والقيم السمحة صفاً متراصاً وراء القيادة الرشيدة بفطرته وولائه، يعين كل فرد من أفراده على ذلك قلب رهيف حساس ينفطر حزنا وألماً حين يرى شخصاً يتقلب في عذابات فقد الأحباب أو الممتلكات أو الصروح التي اقامها بعرقه وجهده في مسيرة البناء والرفاه، ويتألم من رؤية الجوع أو القهر أو عاديات الزمان تصيب دون تمييز الأبرياء الآمنين وتقلب حياتهم إلى مآسي حقيقية.. لأنه يدرك أن هذه الأعمال ليست من شيمة من يملك أدنى حسٍّ إنساني؟
وفي خضم المعركة المفتوحة التي يخوضها رجال أمننا البواسل لاجتثاث آخر ما تبقى من عناصر الفئة الضالة التي انحرفت عن جادة الطريق، وسعت لإدخال ثقافة غريبة وعجيبة ليس لها من أساس ديني ولا اجتماعي ولا إنساني ثم يطلقون عليها ثقافة الموت والقتل والتدمير لشعب آمن لم يتربَّ عليها ولا يعرفها ولا تقرّ بها شريعة السماء الكريمة، وستحسم حتماً لصالح معسكر الخير لأنه الحق والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً، وسيكون حليفنا النصر على الطغمة الضالة ومن يغذيها ومن يمولها ومن يستخدمها للنيل من شموخنا وسننتصر لا محالة قصر الزمان أو طال كما أكد ذلك مراراً سمو سيدي ولي العهد الأمين في كل مناسبة وفي كل محفل.
وبرغم انشغال رجال أمننا بهذه الحرب، وفي عمق هذا الضجيج، ووسط استنفار أجهزة الأمن بكل طاقاتها يطيب لي أن اسرد هذه الحادثة البسيطة التي تعبر بجلاء عن أصالة شعبنا، وعن عشقه للسلام والأمن والأمان.. (هرة) تقطعت بها السبل عندما سقطت في (منور) منزلنا الذي يبلغ ارتفاعه عن أول شرفة تطل عليه خمسة عشر متراً وفي ظلام دامس، رأيتها وسمعت مواءها فحرت في أمري كيف أنقذها وأنا لا أملك حيلة، وبعد تفكير مخلوط بالألم والقلق هداني الله سبحانه لأتصل بفريق طوارىء الدفاع المدني (998) وأعلمتهم بأمر القطة الحبيسة وما هي إلا دقائق معدودة حتى بلّغ الفريق العامل في منطقة المعذر شمال الرياض الحبيبة للنجدة، وسرعان ما أتى رجال الدفاع المدني بما يملكون من معدات إنقاذ ونزل أحدهم إلى عمق المنور وأنقذ (الهرة) التي كانت تواجه موتاً محتوماً.
هذه الحادثة الواقعية المشهودة التي جرت معي قبيل أيام قلائل تؤكد لما لا يدع مجالاً للشك إنسانية ورحمة رجال الأمن، لذا أجدها فرصة سانحة لأقدم الشكر والعرفان لرجال أمننا الأشاوس وعلى رأسهم رجل الأمن الأول في مملكتنا الغالية سمو سيدي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية وسمو نائبه الأمير أحمد بن عبدالعزيز وسمو مساعده الأمير الهمام محمد بن نايف بن عبدالعزيز حفظهم الله، والشكر موصول لجميع القائمين على الأجهزة الأمنية بشتى فروعها، كما أتوجه بعاطر الشكر إلى مدير عام الدفاع المدني اللواء التويجري، وإلى رجال الدفاع المدني الكرام الذين استجابوا مشكورين لندائنا واستغاثتنا واخرجوا قطة أليفة ضعيفة عملاً بقول الرسول الكريم: (في كل كبد رطبة أجر) خلافا لقصة تلك المرأة التي دخلت النار بسبب قطة (حبستها فلا هي أطعمتها ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض) .كما ورد عن نبيّ الرحمة ورسول الهدى عليه الصلاة والسلام.
إن هذا المثال البسيط له المعنى الأبهى عندما ندرك بأن إنقاذ قطة لا حول لها ولا قوة ألهب شهامة المسؤولين وهبّوا للنجدة فكيف بهم عندما يكون الأمر متعلقاً بحياة فرد من البشر؟ إنه مثال بسيط وصغير ولكن له المدلول الكبير المعبّر عن أصالة شعبنا وولائه، وفي هذا المقام أدعو الجميع للوقوف وراء قيادتنا الرشيدة بكل ما نملك صفاً واحداً صابراً مصابراً حتى تحقيق النصر، لأننا على جانب الحق والله هو الحق وسيكون لنا النصير، ونسأل المولى سبحانه وتعالى أن يلهمنا جميعاً الصبر والقوة وأن يسدد خطا المسؤولين عن أمر معاشنا وأمننا وأماننا إنه سميع مجيب.
الرياض - فاكس 014803452
|