ثمّة مسؤوليات للجميع في العراق الجديد الحر، لكن العراقيين أنفسهم هم أصحاب المسؤولية الأكبر في هذا الشأن، ومن المهم الحرص على استقطاب كل ألوان الطيف العراقي في هذه النقلة المأمولة نحو الحكم الوطني، غير أن السعي إلى ذلك ليس ضرباً من الخيال أو المثاليّة في التفكير، فطالما ان هناك توجهاً نحو الحكم الوطني فإن مجرد طرح ذلك هو أمر يستوجب مشاركة الجميع، إلا إذا كان هناك من لا يستسيغ إلا تنفيذ أجندة خارجية على حساب الوطن فمثل هؤلاء من الصعب ان تستوعبهم مثل هذه الصيغة.
وبالنسبة لمسؤوليات الآخرين فإنها تشمل الطريقة التي يتعامل بها محيط إقليمي مع دولة باتت نهباً لعدم الاستقرار والتدخلات التي تشمل الجيوش الجرارة والعصابات المتطرفة، ووفقا لذلك فإن محيطاً إقليمياً هادئاً مستقراً يمكن ان يشكل الضمانة الأقوى لعراق معافى.
وتبدو المبادرات الأخوية أمراً ذا مغزى في هذا الصدد، والتأكيد على ذلك ليس من باب التمني المبالغ فيه، وإنما هذه موجبات الأخوة التي يمكن ان تندرج في إطارها قائمة كبيرة من اتفاقيات التعاون الأمنية والسياسية التي تشد من أزر العراق والتي يمكن أيضاً ان تنعكس بطريقة إيجابية على الأشقاء.
وأمام العراقيين فرصة لاثبات مقدرتهم على تجاوز كل المصاعب التي تعج بها الساحة الآن، ومن أبرزها الانفلات الأمني الذي لا ينفك يشكل تهديداً تلو الآخر وشكوكاً حول المستقبل السياسي، غير ان التجربة يمكن ان تعطي فكرة عن مستقبل العراق، ويتوجب على العراقيين ان ينجحوا فيها، خاصة وانه يبدو ان النجاح هو الخيار الوحيد، وان ما عداه هو الدمار وربما الفناء في بلد تتوفر فيه إمكانيات هائلة وطيبة من القوى البشرية والثروات الطبيعية فضلا عن كونه يشكل ذخيرة وعمقاً استراتيجياً لأمته.
التوافق العراقي إذن هو المطلوب للوصول إلى الحكم الوطني الحقيقي والكامل، فالحكم الحالي يظل أقل من الوطني الكامل طالما ظلّت هناك قوات أجنبية تملك حرية الاستقلال النسبي وتتصرف وفقا لمقتضيات تصوراتها في معظم الأحيان.
ومثل ذلك التوافق يظل أمراً جوهرياً غير ان خروج البعض عن هذا التوافق لا ينبغي بأي حال من الأحوال ان يشل أو يعطّل حركة الجموع مهما كان ذلك الخروج مهدداً للحركة الجماعية حيث ينبغي في هذه الحالة مواجهة الخارجين بالحزم المطلوب الذي يحافظ على وحدة الوطن واستقراره.
|