Wednesday 30th June,200411598العددالاربعاء 13 ,جمادى الاولى 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "محليــات"

أنت أنت
موانع الإرهاب
م. عبد المحسن بن عبد الله الماضي

يقول الكاتب محمد بن علي المحمود في مقالته في جريدة الرياض.. إن كثيراً من الكتابات في موضوع الإرهاب هي (تحلة قسم).. لا يراد منها سوى تبرئة الذات.. وهذا الذي جعلني أتأخر في الكتابة في هذا الموضوع رغم خطورته.. فالذي يحدث يجعل الحليم حيران.
كتابة ما يستحق أن يقرأه الناس ويمكن أن يكون مفيداً لهم على اختلاف مواقعهم وصفاتهم الوظيفية أو الاجتماعية أو الثقافية أو الأيدلوجية لا يمكن أن يكون عفو الخاطر أو نتاج ذهن خالٍ في مجتمع لم يعرف مثل هذه الأفعال ولا خبرها.. وفي ظني أن كل من يقرأ مقالة حول الإرهاب.. يريد أن يصل إلى معرفة تشكل أو تبلور لديه موقفاً.. حتى يسلك السلوك المناسب.. ذلك أن الناس تريد حلاً.. كما تريد توجيهاً بكيفية المشاركة في الحل بفعالية.
فقضية الإرهاب لم تعد قضية الجهاز الأمني فقط.. بل أصبحت قضية مجتمعية.. علينا جميعاً أن نتعاضد ونتكاتف ونتعاون ونتحمل مسؤولياتنا لحلها.. ويد الله مع الجماعة.. من هنا فإنني سأركِّز مشاركتي هذه على الدور الذي ينبغي علينا جميعاً القيام به كل من موقعه.. أياً كان هذا الموقع.. لمكافحة الإرهاب وتجنب إفرازاته الخطيرة على الكيان وعلى المجتمع.
أولاً.. إن للإرهاب بيئة ينمو فيها.. وللقضاء عليه يجب القضاء على أسبابه ودوافعه.. وحسب بحث أعده الدكتور علي بن محمد الرباعي حول الانحراف الفكري.. حدد أسبابه كالتالي:
1 - نفسية: بسبب ما تعرض له الطفل أو الشاب من عنف أو قسوة أو رفض أو حرمان.
2 - اجتماعية: كالأساليب الخاطئة في التربية.. وغياب القدوة.. والخلافات الأسرية.. والانغلاق أو الانفتاح المفرطين.. والاستخفاف بالرأي.. وإهمال التساؤلات.
3 - اقتصادية: كالفقر والعوز والحاجة.. فهي تحفز بذور الانتقام وتنمي حالة العداء للمجتمع.
4 - ثقافية: كانحسار ثقافة الاعتدال واللين لحساب الغلو والعنف.
5 - تربوية: نوعية التعليم القائم على الحفظ والتلقين.. وأساليب التعليم القديمة غير القادرة على استهلاك طاقة الطلبة.
6 - الغلو في الدين وتعدد المرجعيات الدينية.
7 - انعدام فكرة الاندماج الوطني وإحلال مفاهيم التنميط والتصنيف (قبلي - فكري - طائفي).
8 - إلغاء دور العقل لصالح النقل.
9 - ممارسة ثقافة العنف وتضييق مساحة الحرية.. ورفض مبدأ التعبير عن الرأي.. وعدم قبول الرأي المخالف.
10 - تحميل الشباب مسؤوليات إضافية كمسؤولية أهل العلم وأهل الحسبة وأهل السياسة.. مما تعجز عنه إمكاناتهم وقدراتهم.
11 - إهمال مبدأ التكافل الاجتماعي.
12 - التهاون في تطبيق مبدأ العدالة الاجتماعية.
من ذلك لا بد من تحديد الأسباب التي خصبت بيئة الإرهاب.. ونسبة تأثير كل منها في نشأته ونموه وتطوره.. وهذا ما تناوله الإخوة الكتَّاب والوعاظ بكثير من التكرار.. لكني لم أجد دراسة نوعية كمية تربط بين الإرهاب ومسبباته.
الجميع يتفق على أن القضية مصيرية.. وتستدعي التحرك السريع والتضحيات من الجميع وإن كانت مؤلمة.. وإلا ستكون النتائج أكثر إيلاماً.. والعاقل من يتعظ بغيره.
الاتفاق العام.. أن الحل يكون في مسارين هامين:
الأول: أمني وهو قائم على دعم أجهزة الأمن بأحدث الوسائل والمعدات.. وأكفأ الكوادر البشرية.. لتكون قادرة بإذن الله على اكتشاف الهجمات الإرهابية قبل وقوعها.. أو امتصاص أثرها إن وقعت لا قدَّر الله والتقليل من نتائجها وآثارها السلبية.. وهذا هو الذي تقوم به الدولة.. وإن كان المزيد من التطوير دائماً مطلوب.
الثاني: وقائي وهو قائم على تجفيف منابع الإرهاب التي ذكرنا بعضاً منها آنفاً.. وهذا فيه مساحات على كل فرد المشاركة فيها برأيه واقتراحه إن كان لديه رأي أو اقتراح.. فنحن في حالة حرب مع الإرهاب.. وهذه قضية وطنية ليست من مسؤوليات الحكومة وحدها.
إن الحل الوقائي لا يمكن أن يكون سريعاً.. لكن يمكن أن يكون متسارعاً.. ذلك أن تجفيف المنابع يتعلق بأسباب متشابكة ومعقدة لا يتم التصدي لها مثلما يتم التصدي لهجوم إرهابي محتمل.. حيث تحتاج إلى تخطيط قائم على دراسات علمية دقيقة.. وتنفذ من قبل رجال مخلصين.. لا يرون مصلحة فوق مصلحة وطنهم مهما كانت.
إني مع من يقول إن الحل الوقائي المحوري هو في توسيع الطبقة الاجتماعية الوسطى.. وتوفير سبل الحياة الكريمة لها.. لتكون الحصن الحصين أمام كل من يفكر في تعكير صفو حياتها أو التقليل من مكتسباتها.
تقولون كيف؟.. أقول إننا لسنا بحاجة إلى كتاب أخضر لمعرفة ذلك.. ولنا في تجارب ودروس الشعوب التي سبقتنا دليل.. نبني عليه ونزيد وهي:
1 - تخفيض التكاليف (تكاليف الخدمات الأساسية).
2 - رفع مستوى الخدمات الأساسية (التعليم، الصحة، الإسكان).
3 - توفير الفرص الوظيفية ذات العوائد المناسبة لمعدلات التضخم.
4 - الإسراع في برامج الإصلاح.
أخيراً سيقول قائل إن هذا قد يجير لصالح الإرهابيين ويقوِّي شوكتهم.. وأقول إنه عذر من لا يريد أن يعمل.. وعذر من يريد أن يرى السفينة تحترق وتغرق ويهلك أهلها جميعاً.. والحق هو أن العمل بهذا الاتجاه هو الذي يكسر شوكة الإرهاب والإرهابيين.. ويعيد للوطن استقراره.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved