ممارسة التخويف والترهيب والإقصاء وتنظيم الحملات المعادية لشخص ما أو مجموعة ما.. وتسليط الضوء على هفواتها البشرية وتأويل كل أعمالها أو أقوالها وفق ما يريده الخصم فقط لأن (س) من الناس اختلف معه.. أو انتقد شيئاً ما يمسُّه..
فإن هذا ولا شك إرهاب فكري منظَّم جعل الكثيرين ضحايا لهذا الإرهاب.. كما أنه أشاع الرهبة لدى الأكثرية الذين يرقبون بألم وبصمت ما تنتهي إليه الحالة.
لكنه صمت سيؤاخذ عليه التاريخ.. فلا بد من يقظة تجعلنا نقف بشجاعة ضد كل ممارسة تحجر على الفكر وتقوِّض رغبة الإنسان في النقد والإصلاح والتجديد والتغيير.. ولم يعد هناك داعٍ لأن أقول إن ذلك وفق الثابت.. لأننا يُفترض أننا تجاوزنا مرحلة التذكير بأننا مسلمون في مجتمع مسلم!
** سنقف في مكاننا بينما يركض الناس من حولنا إن ظللنا ندور في فلك واحد من الجدل حول قضايا ثابتة أصلاً وليس ثمة مجال لمناقشتها..
لكننا ملزمون إزاء ما يمرُّ به وطننا أن نشتغل جميعاً في البحث عن سبب هذه الأزمة.
وهي أزمة لا تتعلَّق ببعض العامة من الناس فقط.. فتعال إلى الأدباء ذاتهم..
إذا تقدَّم لإنتاجهم ناقد يفحص ويذكر ما فيه من مزايا وعيوب.. أرغوا وأزبدوا وتهدَّدوا برفع قضايا في المحاكم.. ولو علم الناس ما في المحاكم من قضايا لخجلوا من إشغالها بمثل هذه الأمور..!!
** إن العداء المنظَّم وممارسة التكثيف في الملاحقة وتسقُّط الزلاَّت وتغييب حسن الظن والنية الصادقة.. جعلتنا ندور في أفق ضيِّق في مناقشاتنا.. حرمتنا من فائدة الحوار والإنصات للرأي الآخر..
** جعلت البعض منَّا يرسم حدوداً وأطراً.. كل من خرج عنها.. فإنه مباحُ الصدر لتلقي كل السهام والرماح أيضاً
حتى لو أنه يتحدث ضمن المباح الواسع وليس الضيِّق الذي تتناوله الحيطة والحذر وسد الذرائع..
** لا بد من اتفاق جمعي على ماهية الانحراف الفكري..
هل ما يُكتب في الأدب كتوصيف للحياة التي نعيشها بكل ما فيها يُعد انحرافاً فكرياً؟ هل انتقاد أسلوب ما أو اتجاه ما مهما كان هذا الأسلوب أو الاتجاه دينياً أو ثقافياً أو تربوياً.. يعد انحرافاً فكرياً؟ أليس ينضم بكل ما فيه وكل من يمثِّله إلى المنتج البشري القابل للصواب أو الخطأ؟ أسئلة باتت تلح علي كثيراً وسط هذا المد العجيب من الخلط في الأوراق!
** هل يُعد انتقاد كاتب ما لأسلوب داعية ومفرداته وطريقته في الحوار انحرافاً فكرياً لأن المنتقَد داعية يتحدث باسم الدين...
ألا نملك القدرة على التمييز بين المنتج البشري الذي يقبل محاولة الخطأ والصواب وأمر تقويمه أمر ينضوي تحت مظلة الإصلاح التي نبحث عنها جميعاً..
وبين ما هو إلهي ومقدس ونبوي معصوم لا نقبل المساس به ويعتبر إنكاره أو التقوّل عليه أمراً محسوماً لا قِبل لنا بالاطلاع عليه.. ومن هو الذي يُسمح له بالمجاهرة في إنكار ما هو مقدَّس..
إن هذا الذي نقرأه ونسمعه ونشاهده.. في جلِّه يدور حول انتقادات لمنتَجٍ بشري يطوله الخطأ مثلما يعترضه الصواب..
وإعطاء القداسة والنزاهة لمجال ما أو اتجاه ما أو أشخاص معينين ورفض التقويم لما يصدرونه أو ينتجونه أو يقدِّمونه.. هو رفض لاعتبارهم بشراً وتجاوز على الله ورسله، إذ النزاهة والقداسة المطلقة لم تجعل لبشر والعصمة لم تجعل إلا لله ولأنبيائه عليهم الصلاة والسلام.
** لم يعد أمامنا متسع لمزيد من التضييق الذي أسفر عن تأخر واضح في الفكر والأدب والعلوم.. من جراء الاتهامات الجاهزة والمصادرة والإقصاء لكل رأي يختلف عن الدائرة المحددة المرسومة مسبقاً.. وقس على ذلك.. كي تعرف أن دائرة الانحراف الفكري شاسعة كبيرة.. قد نكون كلنا أسقطنا فيها بطريقة أو بأخرى..
** تجفيف منابع الإرهاب الفكري لا تقل أهمية عن تجفيف منابع الإرهاب المادي المسلح.. إذ الاثنان وجهان لعملة واحدة..
نحن مجتمع يمر الآن بأزمة تحولات كبيرة.. نريد أن نخطو ونتقدَّم لكننا لا نريد أن نخسر أشياءنا الجميلة..
** نريد للأدب والفكر أن يزدهر وأن تنشط حركة الترجمة وأن يكون لنا قدرة على المنافسة.. في سوق مفتوحة سنكون ضمن أعضائها قريباً..
** نريد أن نخرج من عنق الزجاجة الذي احتبسنا فيه منذ سنوات!!
رائحة مطر
** التنفس برئتين متعافيتين يجعلك أكثر إحساساً بقيمة الهواء النقي!!
|