* فرانكفورت - طارق عبدالغفار (أ ش أ):
رغم الاحتفالات الضخمة التى عمت ربوع أوروبا نتيجة توسيع الاتحاد الاوروبى بضم 10 دول جديدة ليصبح 25 دولة أضحت الضرائب حجز عثرة امام تجسيد الوحدة الاوروبية حيث تنذر بتصاعد هوة الخلافات بين أوروبا القديمة وأوروبا الجديدة.
وتخشى العديد من الدول بغرب أوروبا كالمانيا وايطاليا من تزايد معدلات البطالة نتيجة نزيف الوظائف المتوقع من جراء احتمالات نقل خطوط انتاجية كاملة إلى دول شرق ووسط أوروبا للاستفادة من العمالة الرخيصة والضرائب المنخفضة.
ويرى محللون أوروبيون ان دول غرب أوروبا التي رحبت بحرارة لانضمام 10 دول من شرق ووسط اوروبا للاتحاد الاوروبي في الاول من مايو الجاري باتت تخشى من التداعيات السلبية المتوقعة لتوسيع الاتحاد والتي يحتمل أن تتضمن زيادة معدل البطالة وهروب جزء كبير من التدفقات النقدية إلى دول شرق ووسط أوروبا لاقامة مشروعات استثمارية.
وقال المحلل مارك تشامبيون : ان دول غرب اوروبا تمارس ضغوطا مكثفة على حكومات دول شرق ووسط اوروبا لدفعها إلى زيادة معدلات الضرائب على الشركات لتقليل الفجوة في المعدلات الضريبية.
وأوضح أن برلين (التي لعبت دورا بارزا في توسيع الاتحاد الاوروبي) تسعى إلى قيادة لوبي داخل اوروبا لاقناع الأعضاء الجدد بزيادة الضرائب إلى المعدل السائد في دول غرب اوروبا لحماية المنافسة العادلة.
وتشير الاحصائيات إلى أن متوسط الضرائب على أرباح الشركات بدول غرب اوروبا يبلغ 31.3بالمائة مقابل 21.3 بالمائة بدول شرق ووسط أوروبا.
وتعتبر المانيا الأعلى ضريبيا حيث يبلغ معدلها 38.3 بالمائة من اجمالي ارباح الشركات تلتها ايطاليا 37.3 بالمائة والبرتغال27.4 بالمائة.
وفي السياق نفسه احتلت جمهورية التشيك المرتبة الاولى بدول شرق ووسط أوروبا في معدل الضرائب المفروضة على ارباح الشركات حيث تبلغ 28 بالمائة من اجمالى الارباح تلتها بولندا وسلوفاكيا 19 بالمائة لكل منهما والمجر 16 بالمائة ولاتفيا 15 بالمائة.
وأوضح المحلل الاقتصادى ووتولد ارلوفسكي ان معدل الضرائب على ارباح الشركات بالعديد من دول شرق ووسط اوروبا كبولندا (التي خفضت معدل الضريبة من 27 بالمائة إلى 19 بالمائة خلال العام الماضي) قد يشهد مزيدا من التراجع لجذب الاستثمارات الدولية.
وأشار إلى ان الدول الأعضاء بالاتحاد الاوروبي ذات المعدلات الضريبية العالية تواجه حاليا تحديا يتمثل في المنافسة القوية التى تشكلها تلك الدول ذات المعدلات الضريبية المنخفضة.
وتوقع تصاعد الضغوط على دول شرق ووسط اوروبا من جانب الدول الكبرى الأعضاء بالاتحاد الاوروبي وخاصة المانيا لدفعها إلى زيادة معدل الضرائب على ارباح الشركات في ضوء ارتفاع معدل البطالة في تلك الدول.
ويواجه المستشار الالماني جيرهارد شرودر مأزقا حادا نتيجة ارتفاع معدل البطالة بالمانيا والمخاوف المتزايدة بشان هروب الوظائف للخارج بسبب اتجاه عدد من الشركات الالمانية الكبرى لنقل خطوط انتاج كاملة الى دول شرق ووسط أوروبا.
وتتزايد احتمالات ممارسة الشركات الكبرى ضغوطا متزايدة على حكومة المستشار شرودر لدفعها إلى تخفيض معدل الضرائب على الدخل التي وصلت إلى 38.3بالمائة.
وفي السياق نفسه تقود باريس وبرلين حملة لاعادة النظر في المعدلات الضريبية بدول الاتحاد الاوروبي للتقليل من التفاوت الواضح في تلك المعدلات والحفاظ على مصالح شركاتها وتجنب نزيف الوظائف.
وتعارض بريطانيا وايرلندا الحملة الالمانية (الفرنسية لتحقيق الاتساق الضريبي داخل الاتحاد الاوروبي موضحين ان المنافسة ينبغي ان تكون الطريقة الوحيدة للتعامل من قضية الضرائب المرتفعة على ارباح الشركات.
وتوقعت المحللة اليسا كسلر قيام عدد كبير من الشركات الالمانية بانشاء فروع لها بدول شرق ووسط اوروبا للاستفادة من التخفيضات الضريبية والعمالة الرخيصة وهو ما سوف يودى الى تفاقم مشكلة البطالة في أكبر اقتصاد بدول منطقة اليورو.
وفي السياق نفسه طالب حزب الاتحاد الاجتماعى المسيحي الاتحاد الاوروبي بتوحيد معدلات الضرائب بالدول الأعضاء بينما دعا خبراء سياسيون واقتصاديون المان الحزب الديموقراطي الاجتماعي الحاكم بالموافقة على تخصيص مناطق خاصة تتمتع بها المنشات الاقتصادية بمعدلات ضريبية منخفضة لمواجهة المنافسة من جانب أسواق دول شرق ووسط أوروبا.
وحرصت العديد من الشركات بدول منطقة اليورو ولاسيما المانيا على افتتاح خطوط انتاج لها بدول شرق ووسط اوروبا طيلة الأعوام العشرة الماضية للاستفادة من التعريفة الضريبية المنخفضة والعمالة الرخيصة وسهولة الوصول الى الأسواق الناشئة 0 وتشير الاحصائيات إلى ان المانيا خصصت حوالى 7 في المائة من اجمالى استثماراتها الأجنيبة المباشرة منذ نهاية التسعينيات من القرن الماضى لمشروعاتها في دول شرق ووسط اوروبا.
وأظهرت دراسات حديثة اجرتها مؤسسة (بايب) للدراسات والابحاث ان مستثمرى غرب أوروبا لديهم فرص مواتية في مجالات البناء حيث يبلغ حجم سوق البناء بدول شرق ووسط أوروبا 5 في المائة في سوق الانشاءات الاوروبية.
وتشير الاحصائيات الى ان الانفاق بقطاع الأبنية الصناعية في غرب أوروبا يبلغ 43 مليار يورو سنويا مقابل 5.5 مليارات يورو في بولندا وجمهورية التشيك والمجر وسلوفاكيا أكبر اربع دول بشرق ووسط أوروبا.
وتنفق دول غرب اوروبا 37 مليار يورو في قطاع انشاءات المكاتب مقابل 1.9مليار يورو بالدول الأربع الكبرى بشرق ووسط اوروبا.
وأضافت الدراسة التى اجرتها مؤسسة (بايب) ان شركات غرب أوروبا لديها خبرة واسعة في مجالات البناء والتشييد ولذلك فامكانية تعزيز مكاسبها بسوق وسط وشرق أوروبا تبدو كبيرة.
وتعتزم شركات السيارات الكبرى بغرب اوروبا ضخ المزيد من الاستثمارات بسوق السيارات بشرق ووسط أوروبا لزيادة ارباحها وتقليل تكاليف الانتاج.
وضخت شركة بيجو سيتروين الفرنسية بالتعاون مع تويوتا اليابانية استثمارات بأحدى شركات السيارات في جمهورية التشيك بينما احتفظت شركة فولكس فاجن الالمانية باستثمارات في قطاع السيارات البولندية في محاولة لخفض تكاليف الانتاج من خلال الاستفادة من العمالة الرخيصة بتلك الدول وزيادة مبيعاتها بدول شرق ووسط اوروبا.
|