حينما يتحدث النفيسي بكل ما سمع!!
يوسف بن محمد العتيق

في حديث ثبتت صحته عن النبي الكريم عليه الصلاة والسلام جاء النص النبوي الشريف والكريم موجهاً كل مسلم أن لايكون متحدثاً بكل ما يسمع هنا وهناك فقد نسمع كلاماً لا يكون صحيحاً، وتكون روايته نوعاً من أنواع نشر الكذب والكلام المغلوط وهذا الحديث نصه بروايتيه اللتين ذكرهما علماء الحديث هكذا...
فقد جاءت الرواية الأولى للحديث (كفى بالمرء إثماً أن يحدث بكل ما سمع) فمعنى هذا الحديث الشريف والتوجيه الكريم أن الإنسان الذي يروي كل ما سمعه وقرأه فهو لا يسلم من الإثم وهو كما نص الحديث أيضاً واقع في الكذب.
إخواني الكرام: دعونا نطبق هذا الحديث الشريف على الدكتور عبد الله النفيسي وذلك من خلال أنموذج واحد شاهده الجميع وهو حديثه في برنامج: بلا حدود الذي بثته قناة الجزيرة القطرية وقدم الحوار وناقش الدكتور عبد الله النفيسي المقدم المعروف أحمد منصور.
أول ما قمت به بعد مشاهدتي لهذه الحلقة هو أنني وضعت اسم الدكتور النفيسي داخل محركات البحث في شبكة الانترنت ورحت أبحث في سيرته الذاتية وكتاباته لأني جزمت أن المعلومات السابقة التي كنت أحفظها عنه وعن سيرته مغلوطة - أو ناقصة - فشخص يقول في برنامجه هذا: (لو قدر لي أن كنت مكان الحكومة السعودية ولا أتمنى ذلك لأنها في وضع لا تحسد عليه) أقول حينما سمعته يقول ذلك جزمت بأن هذا الرجل قد أنهكه العمل الوزاري ورئاسة الحكومات والمجالس النيابية حتى يتكلم بهذه اللغة الواثقة من النفس ويصدر التوجيهات للحكومات في كيفية تسيير دفة الحكم والتعامل مع الأحداث العاصفة في أي بلد, وبخاصة أنه أخذ يوجه الحكومة السعودية وينصح ويعدل ويقرر الصواب من الغلط, وقلت في نفسي: لاشك أنه من القيادات السياسية العربية أو أمضى شيئاً من حياته في المجالس الأمنية الكبرى, أو أنه ممن وضعوا أشهر المواثيق في أروقة الأمم المتحدة أو جامعة الدول العربية على أقل تقدير أو أنه صاحب دور فاعل في وضع اللوائح لمجلس التعاون الخليجي, وإذا بي أجد أن سيرته الذاتية ليست بحافلة ولا تختلف عن أي دكتور جامعي وأن أقصى ما وصله في المناصب ذات الطابع السياسي الفاعل هو عضوية مجلس الأمة الكويتي, وانتهت علاقته بالمجلس قبل ما يقارب العقدين من الزمن (1986م) كما أنه حاضر في الجامعات الكويتية وبعض الجامعات الأمريكية(!!).
ولا أدري هل كانت محاضراته التي ألقاها في الجامعات الأمريكية هي بنفس الطرح الذي بدأ يقوله مؤخراً وبخاصة في قناة الجزيرة أم أن لكل زمان دولة ورجال ولكل أشخاص الحديث الذي يناسبهم ويدغدغ مشاعرهم؟
على العموم لعله يقول عفا الله عما سلف!
كما أن النظرة الأولية لنتاج الدكتور النفيسي المكتوب عبر شبكة الانترنت تدل على أن الرجل لايملك مشروعاً طموحاً أو مميزاً فهو يعد في عداد الكتاب التقليديين والمشاركين في موضوعات قرأ فيها كما هو الحال بغيره.
كل هذا يجعلنا نتساءل لِمَ الحرص من قبل قناة الجزيرة على استضافته بين فترة وأخرى مع أن الوطن فيه من أمثال النفيسي كثير وكثير جداً؟هل كونه خليجياً له صلة بالموضوع وبخاصة أنه من الكويت التوأم الروحي للسعودية هل لذلك علاقة بالحاجة التي في نفس يعقوب؟
وقبل أن أناقش بعض ما ذهب إليه الدكتور النفيسي في حديثه دعوني أقرر بعض الأمور التي أرى من المهم تسليط الضوء عليها وذلك على النحو التالي:
(1) بحت الأصوات من قولنا إننا نرغب الإصلاح في بلدنا وغير راضين على بعض المشاهد المألوفة في مجالات كثيرة لكن مما يؤخر مسيرة الإصلاح أن يأتي كل ناعق ويتدخل ويتكلم بدون علم ولا فهم لطبيعة المجتمع السعودي فلو هؤلاء أكرمونا بصمتهم لكانت الأوضاع في بلدنا أفضل.
(2) من القيادة السعودية وحتى أصغر مواطن في هذا البلد لايوجد من يرتاح لوجود شخص واحد في السجون سواء كان في قضية جنائية أو أمنية والدولة ليست ملزمة أن تطارد كل شخص في العالم وتعطيه سير التحقيقات في قضايا المساجين وتشرح له هل حُوكم أم لا وهل أوجد له محامٍ أم لا حتى يتفضل مشكوراً ويثني علينا ويقول: إننا تقدمنا أو أن الإصلاح لدينا وصل إلى مرحلة متقدمة.
ويكفينا في هذا المجال شهادات الموقوفين الذين أوقفوا في قضايا أمنية ثم خرجوا حيث تحدثوا بكلام مقبول بالنسبة لما نريد, ورائع لو قيس بدول أخرى!!
وهذه الدول لم نجدها في قائمة الدكتور النفيسي.
أما هؤلاء المبرمجين على النقد لو قمنا بهدم كل السجون أمامهم لقالوا هناك سجون أخرى تحت الأرض.
(3) يزعم بعض الناس أنه قادر على حل مشاكل الأمة المستعصية ويطرح حلولاً يراها مثالية وهي أبعد ما تكون عن الواقعية, وتجد في الوقت نفسه أن بعضهم يشيب شعر رأسه من ابنه المراهق ولم يستطع تقويمه ثم ينبري ليحل مشاكل الأمة عبر الفضائيات ولا حول ولا قوة إلا بالله!!
وبعد ذلك دعوني أسلط الضوء على بعض ما قاله النفيسي في حديثه وأتعقبه بشيء من الاختصار في النقد لتعرفوا موقع النفيسي من الحديث النبوي الشريف:
(1) تحدث النفيسي عن الدكتور وليد السناني - كما قال - ونجليه وأنهما أطالا في السجن دون محاكمة كذا قال أو معنى حديثه.
وللمعلومية السناني ليس بدكتور ولايحمل ماجستيراً وليس حتى محاضراً جامعياً ولا حتى معلماً في مدرسة هو موظف إداري هذا من وجه وأما أبناؤه فقد أوقفوا من فترة قريبة ولم يقل أحد أن سجنهما كان مع والدهم فهل يعي النفيسي ذلك؟.وعلى العموم قضية السناني - عجل الله بخروجه لأهله - قضية معروفة لدى الكثير في السعودية وليست كما أوهم النفيسي الناس, سامحه الله.
(2) الشيخ سليمان العلوان المقيم في بريدة ذكر الدكتور النفيسي أنه موقوف منذ فترة طويلة كذا قال, وفاته أن كل مواطن في أرضنا الغالية يعلم يقينا أنه حتى الآن لم يكمل شهرين على إيقافه!!!
(3) ذكر النفسي أن ثلاثة آلاف إمام مسجد في السعودية طردوا من وظيفة إمامة مساجدهم وهنا أقول: آن لأبي حنيفة أن يمد رجله, بل كلتا رجليه.
حتى مواقع القاعدة نفسها وشلة لندن في مواقعهم (المسعري والفقيه) لم تقل بهذا الكلام...
هل يعقل ثلاثة آلاف إمام مسجد يطردون من أعمالهم وكلهم على صلة بالإرهاب لا أدري كيف يفكر النفيسي وكيف يتكلم.
(4) ما ذكره النفيسي من التقسيمات الثلاثية عن جيل القاعدة أو المتعاطفين معها بالسعودية غير صحيح فالمقرن نفسه وفي حوار معه يذكر أن تعرفه بابن لادن جاء متأخراً والنفيسي يذكر أنه من أيام الجهاد في أفغانستان فمن نصدق المقرن وفي موقعهم الرسمي أم النفيسي في قناة الجزيرة؟
والآن هل يستطيع أحد أن يختلف معي إذا قلت أن النفيسي يتحدث بكل ما سمع فهو ينطبق عليه وبدون شك الحديث الشريف الذي سقته لكم في أول المقال.
وعلى العموم هذه نصائح موجهة إليك سعادة الدكتور النفيسي ما دام أنك حرصت على أن تنصح الحكومة السعودية كما ذكرت مع أنها لم تطلب منك ذلك ودعني وأنا في سن أبنائك أن أنصحك ولو لم تطلب مني ذلك أيضاً فنحن في حراج المناصحات هذه الأيام فأقول لك: لا يضرك ولا ينقص من قدرك أن تحضر جيداً قبل البدء في أي حوار حتى يكون كلامك دقيقاً ولاتتحدث بكل ما سمعت فالاستعداد والتحضير مطلوب وبخاصة إذا كان برنامجاً سيبث على الهواء مباشرة.
ويا دكتور عبد الله هاأنذا أنصحك مرة أخرى بأن كثيراً من مواقع الإنترنت - لا كلها - ليست مصدراً أميناً للمعلومة ففيها من الأخطاء والكذب والتزوير ما يجعل بعض السذج يقع في شراكها إلا إذا كان هناك انتقائية معينة فهذا أمر آخر.
وخذ نصيحة أخرى لا تقل أهمية عن ما سبق أيها الدكتور وهي أنك لو اشتغلت بمشروعك الذي وضعت الملصقات على صدرك من أجله وهو مقاومة التطبيع أفضل لك بعشرات المرات من التدخل في قضايا جل معلوماتك عنها من شبكة الإنترنت كما هو واضح بشكل جلي.
ودعني أقسم لك بالله العلي العظيم الذي رفع سبعاً ووضع سبعاً اننا نعرف الناصح الصادق ونحبه حتى ولو قسا علينا لأن المحبة والصدق لهما علامات ونعرف أصحاب النقد الظالم ولو كان في ثياب الصدق والمناصحة فصدق الله حينما قال {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} فالنصح له علامات والتشفي بدون شك له منارات.
ويا دكتور عبد الله نحن لا نفرق بين من يتحدث بصوتٍ عالٍ أو منخفض فعلو الصوت أو انخفاضه لا يغير شيئاً المهم لدينا المعلومة فهدوء الصوت لا يدل على الوقار أو النضج فقد يكون صفة خلقية مثل أي صفة أخرى.