Wednesday 30th June,200411598العددالاربعاء 13 ,جمادى الاولى 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

مركاز مركاز
حوار الرجال والنساء - 2
حسين علي حسين

سوف أبقى مع مجريات المؤتمر الثالث للحوار الوطني الذي انعقد مؤخراً بالمدينة المنورة، فالحوار بالنسبة لي كان تجربة مفيدة، فقد استفدت أولاً أن أستيقظ مبكراً وأن أكون ضمن أول الداخلين وآخر الخارجين من قاعة الحوار ما استطعت إلى ذلك سبيلا، لذلك لم يفتني إلا القليل مقابل الكثير الذي أدركته، وحاولت عملاً بنصيحة الصديق فهد أبو العصاري، أن أقدم ورقة المداخلة مبكراً، لأضمن أن صوتي سيكون حاضراً كما هو عقلي وعيناي، وقبل ذلك كله جسدي، بقضه وقضيضه على الكرسي، لكن هذه النصيحة لم تثمر معي إلا قليلاً، فلم أستطع المداخلة ألا مرتين كانت كلماتي خلالهما سريعة كالطلقة، حتى لا يدركني الوقت المحدد بصرامة، وإن كان أحياناً يتمدّد، مرة برضا سيادة الرئيس ومرات برضا المشاركين والمشاركات!
وقد أسعدني أنني جلست بجانب الفكر ممثلا بصديقي الدكتور خالد الدخيل والتجارة ممثلة بالأستاذ المهذب حسين العذل، وكان خالد يسعد كما بدا لي بجوار الدكتور راشد المبارك الذي ميزته بثقافته وعلمه وأفكاره المرتبة، ومع ذلك كله تهذيب وخفوت صوت، وهي صفات قلما تجتمع في هذا الزمان، الذي كثر فيه الهرج والمرج وخلط الأوراق... أما جاري حسين العذل فقد كان بجانبه الدكتور حسن البريكي وهو طبيب جمع بين الفكر والعلم وخفة الظل.. أما في المطعم وصالة المطار ومصلاه فقد تعرفت عن قرب على الدكتور عبد الله المطلق، جلست إليه ونقلت له بعض الهموم العامة والخاصة، التي لا تبتعد عما نحن فيه محلياً فوجدت رجلاً يجمع بين رقة الحاشية وصرامة أهل العلم، وهو ما شجعني لأن أخطو نحو المزيد من العلماء في المطعم وفي ردهات الفندق. لقد أدركت أن القرب دائماً خير من البعد، خصوصاً مع أهل العلم، فقد كنت أهابهم خصوصاً - مرة أخرى - الذين يظهرون علينا في وسائل الإعلام المختلفة، أهابهم وأستجمع عند لقائهم كل ما لدي من كياسة، لكيلا ألخبط الأوراق التي أريد تقديمها في حضرة أي منهم، لقد أدركت أننا أحياناً نظلم العلماء الذين يظهرون علينا في وسائل الإعلام المختلفة وأحياناً يظلمنا العلماء، بما يأتيهم من محترفي المعاريض والهواتف، وبما نكتبه أو نصرح به في الصحف والمجلات وهو قليل، لكن أحداً منا ربما لم يفكر في أن يطرق الباب على أحد العلماء، ليأخذ منه ويعطيه وجهاً لوجه، وإذا عزت المواجهة فإن الهاتف موجود، لكننا للأسف، لا نفعل ذلك، ولو فعلنا لربما - أقول ربما - زالت بعض السواتر التي لا يريد لها البعض أن تزول!
وأبقى مع ما لاحظت ولاحظ غيري من غلبة التيار المحافظ على قائمة المشاركين نساءً ورجالاً، وأن مثل هذه اللقاءات بحاجة إلى أن تكون الموازنة فيها عادلة قدر المستطاع وأن تضم اللقاءات جميع ألوان الطيف؛ فبمثل ذلك يكون الحوار سجالاً، وتكون الفوائد المرجوة أكثر، وهو ما يهدف إليه الحوار أولاً وأخيراً. أما الملاحظة الثانية فهي تتعلق بالنساء فقد لاحظت أنهن - ما شاء الله تبارك الله - الأكثر جرأة وشجاعة في الحديث وقليلاً جداً ما كانت المشاركة منهن، ذات صوت خفيض، أو متعثر، مثلما هو حاصل مع العديد من المشاركين وأولهم كاتب هذه السطور، وهو ما جعلني أستغرب عدم تطرق - ولو من قبل واحدة منهن - إلى رؤيتها في قيادة المرأة السيارة؛ ما ترك المجال واسعاً ليتساءل الشيخ الدكتور عبد الله المطلق: لماذا يتحدث الرجال في هذا الشأن دون صاحباته؟ وهي نقطة ذكية سجلها علينا وعلى النساء الدكتور عبد الله المطلق!
ومن صالة الحوار وردهات الفندق إلى الطائرة، فقد جلست بجانب الصديقين سلطان البازعي وحسن الخليل والشيخ علي بادحدح وكانت فرصة لحوار حمدت الله أن أية امرأة لم تكن بجوارنا لتسمعه، وسوف أترك لكل واحد من هؤلاء، أن يحلل ويقلب في ما قال وما سمع، وإن كان ما قلنا، وسمعنا، من بعضنا لم يستغرق سوى نصف ساعة هي مدة الرحلة من المدينة إلى جدة، حيث حططنا في دار الضيافة، خلفنا وأمامنا الكورنيش والرطوبة!
ولم يكن مسك الختام سوى ذلك اللقاء الحميم الذي جمعنا بسمو ولي العهد الأمير عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - ليكون حديثه لنا وحديثنا له نابعاً من القلب إلى القلب، فقد تألمنا مما جرى ويجري من فئة ضالة لا تريد لوطننا خيراً ولا استقراراً. حما الله وطننا وجعله آمناً من كل مكروه.. قادراً باستمرار على أن يكون واجهة وحضناً وملاذاً آمناً لكل قادم إليه أو مستقر فيه.. إنه على كل شيء قدير.

فاكس 4533173 - 01


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved