لقد اطلعت على ما كتبه الأخ حماد بن حامد السالمي في جريدة الجزيرة في عددها رقم (11581) الصادر يوم الأحد الموافق 25-4- 1425هـ والمتضمن ما دونته حول ملاحظات واقتراحات على المراكز الصيفية والمخيمات الدعوية وأراني ملزما بمراجعتك حول بعض من النقاط التي ذكرتها في مقالك وأرى أنه لم يحالفك الصواب في بعض مما ذكرت ولعل غيرتك على وطنك - وكلنا كذلك - هي التي حملتك على ما ذكرت وإن كان فيها شيء من الإجحاف وعدم الإنصاف وربما فات عليك أن كل أحد يؤخذ من قوله ويرد إلا نبينا صلى الله عليه وسلم، وسأجمل معك ملاحظاتي فإن قبلتها فهذا العشم بك، وإن رددتها فحسبي أني بلغت وأعذرت ولعلك تكون من المتقين والله الهادي إلى سواء السبيل.
أولا: ما ذكره مدير الجامعة الدكتور محمد السالم يشتمل على تعميم ثم تخصيص مما يدل على عدم العموم فأول كلامه عن المراكز كلها دون استثناء ثم تحولت بعد كلمات إلى بعض المناشط ثم بعدها بكلمات صارت من قبل عدد قليل..!! وأنت بنيت مقالك كله على ما ذكره مدير الجامعة والذي قدمت له بعبارة تدل على خلفيات مسبقة لك تبارك هذا العمل دون نظر وتأمل حينما قلت (الإجراء البناء)، وحسب كلامه أنه اجتهاد يتطرق إليه ما يتطرق إلى البشر من نقص ووجهات نظر قابلة للأخذ والرد فما قاله وفقه الله لا يمكن تعميمه على كل المراكز لا سيما وقد ذكره هو حينما قال (بعض مناشط المراكز الصيفية من قبل عدد قليل) فلماذا عممت أنت هذا الأمر على كل المراكز وفي كل المناطق؟ وهل تصريح البعض وتحدثهم بما ليس لهم به علم يحملنا على وصم هذه المراكز بأنها قد تصل بالمنتسبين إليها أن يكونوا تكفيريين تفجيريين؟ كما أن مدراء للجامعة سابقين كانوا يرعونها ويفتتحونها ويختتمونها ولم يذكروا ما ذكره المدير الحالي.
ثانيا: هل ترى أن ما يذكره شخص أو شخصان أو أفراد قليلون يمثل ظاهرة يجب أن يتخذ تجاهها قرارات جذرية حاسمة؟ وهل ترى أن مجرد ذكر شخص لملاحظات - صحت أو لم تصح - مدعاة لأخذها مأخذ الصدق وعدم تطرق أي احتمال عليها؟ ألا ترى أن الواجب أولا المناقشة لهؤلاء ودعاويهم ومناقشتهم على الملأ - إن لزم الأمر - ممن يعنيهم هذا الموضوع؟ ثم تعال لأسألك هل تظن أن عمل البشر يكمل ولا يتطرق إليه نقص أو خلل؟
ثالثا: إن هذه المراكز ترعاها الدولة وعلى أعلى المستويات فلقد كان لخادم الحرمين يده البيضاء في ذلك وسبق أن تبنى ميزانية مخيمات دعوية وسبق نشره في الصحف ورعى ختام هذه المناشط لعدة سنوات أمراء المناطق فلتعلم ذلك إن كنت تجهله، ثم هل تظن أن هذه المراكز والمخيمات الدعوية - لو سلمت لك - أنها تخرج من هؤلاء المنحرفين وترعاهم!! هل تظن أنه لم يتخرج منها ولم يدخلها إلا هؤلاء المنحرفون؟ إن هذه المراكز أثبتت للدولة أولا وللمجتمع ثانيا جدواها، ولا أدل على رعاية الدولة والمسؤولين كبارا وصغارا لها، ولتعلم وأظنك تعلم وربما تتجاهل أن هذه المراكز ضمت وتضم طوال عقودها من المسؤولين في أجهزة الدولة الآن وأساتذة الجامعات وبعض من أئمة الحرمين الشريفين فضلا عن أئمة المساجد والدعاة والقضاة ورجال الأمن من ضباط وأفراد وأعدادهم تفوق العد ولم نر هؤلاء تبنوا فكراً منحرفاً أو قادوا عملا تخريبياً بل صاروا بنائين للمجتمع وهداة للطريق المستقيم، وكثير منهم إنما تعلم الخطابة وفن التعامل مع الناس وحب الآخرين والإخلاص للوطن أول ما تعلموه في مثل هذه المراكزوالمخيمات، ثم لو سلمت لك جدلا بأنه سبق أن انتظم بعض من هؤلاء المفسدين في هذه المراكز فهل الحل الأجدر نسف هذه المراكز ونسف جهودها في الإصلاح؟ إذا كنت ترى ذلك فحكمك يحتاج مراجعة.
ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها
كفى المرء نبلا أن تعد معايبه
رابعاً: أضحكتني كثيرا وعلمت بأنك بعيد كل البعد عن هذه المراكز والمخيمات مع أن الحكم على الشيء فرع عن تصوره فيا ليتك زرت هذه الأماكن واطلعت على نشاطاتها وفاجأتهم بهذه الزيارات وأدخلت أبناءك فيها لتلعم ما يتعلمون فيها حتى لا يخونك الحكم، والأمر المضحك ذو شقين:
أحدهما: حينما طالبت بأن يتولى هذه المراكز والمخيمات مؤسسات أمنية وعسكرية، ولا أدري لماذا؟ هل هذه المراكز معسكرات تدريب أم مقار للدعوة والتربية؟ فمن خاض بما لا يحسن أتى بالعجائب، وهل كل شيء يسند لهذه الأجهزة وهل هم بلا أعمال تشغلهم لنحملهم فوق أحمالهم.
وثانيا: حينما أردت أن يبدأ البرنامج من بعد الفجر فهل سيبيت الطلاب داخل هذه المراكز أم سيحضرهم آباؤهم الساعة الثالثة والنصف أو الرابعة فجرا وكيف سيحتملون حر الصيف؟ أمر مضحك ومحير يدل على البعد في الطرح وتظن أن الولاء لهذا الوطن بهذه الاشياء فقط بينما الولاء الحقيقي يا عزيزي بالتضحية لهذا الوطن في كل شيء ومنها الوقت والجهد الذي يقدمه هؤلاء ولا يريدون من ورائه جزاء من الناس ولا شكورا، وكذلك في تربية النشء وقضاء الوقت معهم وبينهم حينما نذهب نحن لقضاء الصيفية والهروب من لهب الشمس وحرها، فيقعدون مؤثرين إصلاح المجتمع على راحاتهم وتنزهاتهم وهذا وربك الإخلاص الحقيقي للوطن.وأخيراً أخي الكريم أرجو أن يتسع صدرك لما ذكرت لك فهي وجهة نظر أرجو أن يحالفني فيها الصواب وألا يجعل لنفوسنا حظا مما قلناه - أنا وأنت - كما أني أرجو منك التجرد من الهوى لأن اتباع الهوى يضل عن سبيل الله، ويصد عن الحق، ثم اعلم وفقك الله أنني لست ضد التجديد ومراجعة الحسابات وإصلاح الخلل، بل أنا من الدعاة لذلك، لكنني ضد التعصب والتشنج للرأي وإغماض العين عن رؤية الحق، ونحن جميعا خطاؤون أبناء خطائين ولكن خير الخطائين التوابون.جعلني الله وإياك منهم وجعلنا مباركين أينما كنا، واستغفر الله لي ولك.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
محمد بن صالح التميمي
الرياض |