الحمد لله الذي أنزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان وسلم تسليماً كثيراً أما بعد:
فإن من نعم الله علينا أن أكرمنا بهذا الدين وبهذا القرآن الذي هو مصدر هذه الأمة وفي اتباعه الخير والفلاح والهداية والسعادة. يقول الله تعالى «فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى» ويقول سبحانه «إن هذا القرآن يهدي للتي أقوم» ويقول سبحانه «وإنه لذكر لك ولقومك» وإن مما يبهج القلب ويجلب السرور للنفس ويُبشِّر بالخير ويدعو للتفاؤل، إقبال طليعة من شباب هذه الأمة على تعلم القرآن الكريم تلاوة وحفظاً وتجويداً أثناء الليل وأطراف النهار، والتنافس في هذا الميدان لنيل مرضاة الله عز وجل. ولا شك أن هذا فضل عظيم وخير عميم. نسأل الله أن يزيدنا وإياهم من فضله ورحمته، يقول تعالى «ورحمة ربك خير مما يجمعون» ويقول صلى الله عليه وسلم «خيركم من تعلم القرآن وعلمه». وإنني أشد على أيدي أبنائنا، وأهنئهم على ما حباهم الله به وأنعم عليهم من حفظ كتاب الله والسير في ركاب الصالحين. وما تخريج خمسة وخمسين حافظاً لكتاب الله في هذا العام إلا ثمرة من ثمرات الجهود الطيبة والعمل المتواصل والعزم الأكيد من أبنائنا الطلبة وإخواننا المدرسين والقائمين والمشرفين على حلق التحفيظ والجمعيات الخيرية في هذا البلد، ونرجو أن تكون هذه الفتية لبنة صالحة في المجتمع، ونأمل أن يتضاعف العدد ويزيد في الأعوام المقبلة.
ونحث أبناءنا على العمل بهذا الكتاب وتدبره وأن يجعلوه لهم إماماً وهادياً ودليلاً في مدهمات الأمور، فهو النور الذي يضئ ظلام الدروب على مدى الأيام وتوالي السنين، وأذكرهم بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا حسد إلا في اثنتين: رجل أتاه الله القرآن فهو يقوم به أثناء الليل وأثناء النهار».
فهذا القرآن الكريم سبيل لكل خير وهدى ورحمة وبشرى للمتقين، يدعو إلى توحيد الله وتعظيمه، ويؤدب حامله بالآداب الفاضلة والشمائل الحميدة، يقول تعالى «ألم ترى كيف ضرب الله كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها» ويقول سبحانه «والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه».
وإن لمن أهل القرآن بالتطرف والإفساد، والتخريب والإرهاب، إفك مبين وبهتان عظيم. فحلق تحفيظ القرآن ليست موطناً للإرهاب ولا مكاناً للدمار، بل منها ينبع الخير ويشع النور ويستقيم البيان.
فكم من الأجيال التي خرجتها حلق التحفيظ، والرجال المشهود لهم بالصلاح، أصبحوا أئمة ودعاة للخير، فكانوا مشعل هداية ومصدر نفع للبلاد والعباد في مشارق الأرض ومغاربها. وأن أعداء الإسلام يقلقهم اهتمام المسلمين وخاصة الناشئة بدينهم وكتابهم، لذا هم يسعون للنيل منه بأي وسيلة، ويحاولون صرف المسلمين عنه إلى أي وجهة، ولكن يأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره المشركون.
وإن مما يزيدنا ثباتاً وقوة أمام أعدائنا هو تمسكنا بديننا والاعتصام بكتاب ربنا، يقول الله تعالى «وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئاً إن الله بما يعملون محيط».
رئيس الجمعية الخيرية
لتحفيظ القرآن الكريم بمنطقة حائل |