* إعداد/ عبدالله الرزقي:
هُناك من المؤرخين والمحققين من كتب وألَّف عن الطائف ونحن هنا (سياحياً) نود الوقوف من خلال المنظور التاريخي على التأريخ السياحي للطائف فالسياحة بالطائف ليست حديثة عهد بل إنها تمتد بعمق تأريخ المكان لهذا نجد أن المشاهير الذين يعدون من أول من وصل إلى الطائف - مثل/ وج بن عملاق بن سام بن نوح ومثل - ثقيف - نَعدَّهم سوَّاحاً عدنوا بالمكان من مناطق شتى بعد أن طاب لهم المقام بالطائف. واعتبر الطائف من عهدهم إلى اليوم منطقة سياحية جديرة بتأمل تأريخها وسبر غوره.
ضبط الاسم وسبب التسمية:
أورد حمد الجاسر في المعجم الجغرافي في القسم الثاني صحيفة رقم 742 بما رسمه ونصه
الطائف: بفتح الطاء بعدها ألفٌ فهمزة مكسورة تُبدل أحياناً ياء مثناة تحتية ففاء مدينة ذات قرى وموارد كثيرة.
إذن فلا تثريب على من كتب - الطائف بهذا الاسم كذلك - الطايف نسبة لما تقدم ثم تتضح أهمية الطائف بتسمي عدد من القرى في مناطق البلاد بالطائف فمنها وفق مصدرنا السَّباق.
1- الطائف - في بلاد بني الغازي - بمنطقة جازان.
2- الطائف في بلاد من قرى الدرب بمنطقة جازان.
موقع الطائف:
أورد محمود شاكر - رحمه الله - في شبه جزيرة العرب: عن موقع الطائف في ص 65 تحديداً لا يتعارض حالياً مع الاتساع والترامي الذي شهدته الطائف، فقال: الطائف مدينة قريبة من مكة المكرمة، تقع إلى الجنوب الشرقي منها على مسافة 88كلم وترتفع 1476م عن سطح البحر... وفلكياً تقع الطائف وفق دليل المواقع الجغرافية بالمملكة العربية السعودية صحيفة رقم 379 بين درجتي: العرض / 30 16 21 الطول/ 30 24 40 ونسبة لما تقدم من الخصائص الطبيعية ومن ارتفاع واعتدال اتخذت الطائف مكانة من الأهمية سياحياً.
الطائف في عيون التاريخ:
نحن نود فيما يلي الوقوف على ما أشار إليه الجغرافيون والمؤرخون عن هذه المدينة العريقة والواقع أن الرصد الجغرافي والتأريخي لهذه المدينة يوقفنا كذلك على الأبعاد السياحية لهذه المنطقة. فقد بلغت الطائف من الشهرة والعالمية أنها لم يتوسع ويوغل كثيراً في تحديدها وتعريفها لأنها حتى في زمن الحموي وما قبله وما بعده معمورة الطائف بالناس من كل بلدٍ من البلدان والأمصار ولكن الحموي أتحفنا عن هذه المدينة بما استغرق من معجمه بالجزء الرابع نحو ست ورقات من رقم 8 إلى رقم 12 نقتطف منها ماله صلة بما نحن بصدده، قال في صحيفة رقم 8 - إلى عقبة الطائف مسيرة يوم للطالع من مكة ونصف يوم للهابط إلى مكة وأفاد الحموي بأن إعمار وعقبة الطائف يعود لعام 430هـ مناسبة التسمية. اتفق ياقوت الحموي والبكري على أن سبب التسمية نسبة للحائط الذي بني حولها وطافوا بها تحصيناً لها وكان الاسم وج قبل ذلك وعن وج. أورد الحموي والبكري ما يدل على ضرب الطائف في أعماق التاريخ: قال الحموي سميت وَجَّاً - بوج بن عبدالحق من العمالقة وقيل من خزاعة. / وهذا مؤشر مهم على أن الطائف كانت مقصداً سياحياً حتى في زمن العرب البائدة - وورد الطائف في أشعار العرب ومن الأمثلة الكثيرة على ذلك:
ما تضمنته قصيدة أبي الحياش الحجري من الحجر بن الهنو - قصيدته الاستسقائية/ يطلب من الله الغيث (المطر) ومن الديار التي طلب لها الغيث - الطائف: حيث قال:
فالشبابات فالمعادن فالطائف
فالويل أرضهن سماءُ
فقنونا فأرض دوقة فالليث
فعشم السرين فالسَّراء
ومن ذلك: في صفة جزيرة العرب للهمداني قال الرّاجز:
يا ناق سيري قد بدا يسومان
فاطويهما تبدو قنان غزاون
وفي التحقيق قال الأكوع:
غزوان بالفتح ثم السكون وآخره نون من الغزو وهو الجبل الذي في ظهره مدينة الطائف والآن إلى ما ذكره الهمداني في زمنه عن الطائف قال الهمداني: ثمَّ الطائف مدينة قديمة جاهلية (في إشارة منه لقدمها) إلى قوله وواد قريب من الطائف يقال له بَرَد فيه حائطان لزبيدة زوج الرشيد يقال لموضعها وَج وبشرقي الطائف وادٍ يقال له: لِيَّه - يسكنه بنو نصر من هوازن ومن يماني الطائف وادٍ يقال له جفن لثقيف وهو بين الطائف ومعدن البرام. ومن المعالم يذكر الهمداني في سلسلة ما تقدم ومن قبله الطائف وادٍ يقال له مشريق ووادي جلذان إلى قوله وأما المحجة فعلى قرن المحرم وَعدَّ الهَمداني أهل الطائف من أهل الفصاحة.
كما أورد الهمداني في صحيفة رقم 372 قصيدة جماعة البارقي في تفرق الأزد والتي ورد بها ذكر الطائف في قوله:
ملكوا الطود من سرومٍ
إلى الطائف بالبأس منه والثباتِ
وفي التأريخ السياحي تتعرف على انطباعات القدماء الأوائل عن الطائف وما تحويه من جماليات. حتى أن وصول بعض الأعلام: من وج بن عملاق بن سام بن نوح ثم من - عدوان: وثقيف - وغيرهم. وصولهم فيه في أصله منزعٌ سياحي وقصة الغرس في وادي وج وإحاطتها بسور وما إلى ذلك يتصل من قربٍ ويعد بأمرٍ سياحي وعن انطباعات القدماء أورد قال عرام والطائف ذات مزارع ونخل وأعناب وموز وسائر الفواكه وبها مياه جارية وأودية تصب منها إلى تبالة وعن انطباعات القدماء عن المقومات السياحية بالطائف: قال: الحموي:
1) فيها من العنب العذب مال يوجد مثله في بلدٍ من البلدان.
2) وقال: أما زبيبها فيضرب بحسنه المثل.
3) طبيعة الهواء شمالية.
4) فواكهة أهل مكة منها ومعروف كذلك أن العرب كانوا يقيظون بالطائف ومع صورة انطباعية أخرى عن السوح أو التسوح بالطائف والتهنئة بذلك يبارك محمد عبدالله النميري تصييف زينب بنت يوسف أخت الحجاج بن يوسف الثقفي تصييفها بالطائف على أن ذلك من النعمة والرفاهية حيثما أورد الحموي فقال:
تشتو بمكة نعمة
ومصيفها بالطائف.
وعن السياحة بالطائف منذ القدم نطالع ما أورده صاحب كتاب آثار البلاد وأخبار العباد القزويني : في صحيفة رقم 97 ورقم 98 قوله: كناية عن جمال الطائف وطيب هوائها فقال: دخلت الطائف وكأني أبشر وقلبي ينضح بالسرور ولم أجد لذلك سبباً إلا انفساح جوها وطيب نسيمها واستعرض القزويني في ناحية أخرى: أهم مقومات الطائف السياحية. فقال: في أكنافها الكروم والنخيل والموز وسائر الفواكه من العنب العدي ما لا يوجد في شيء من البلاد.
وما زلنا مع الانطباعات فهذا سليمان بن عبدالملك يسوح بالطائف ووفق مرجعنا السابق أورد ما نصه فيما نحن بصدده قال: كرم الوهط - كان لعمرو بن العاص معروشاً على ألف ألف خشبة لما حج سليمان بن عبدالملك أحب أن ينظر إليه فلما رآه قال ما رأيت لأحد مثله لولا أن هذه الحرة في وسطه قالوا: ليس بحرةٍ بل مسطاح الزبيب وكان زبيبه جمع في وسطه ليجف فرآه عن بعيد فظنه حرة.
|