مما لا شك فيه أن الأسف والضيق والحسرة.. التي شعر بها العالم العربي ، بخاصة والعالم الإسلامي ، بعامة.. تجاه العلاقات (القوية) بين تركيا المسلمة.. وإسرائيل اليهودية المجرمة في حق الشعب الفلسطيني.. خلال العقود الماضية.. لم يتكون ذلك للأسف والحسرة من فراغ.. بل كان نتيجة للضربة الموجعة للضمير الإسلامي والإنساني.. الذي أوجده التعاون العسكري بين تركيا وإسرائيل.. إلى الجوانب الأخرى من سياسية واقتصادية و(مائية).. وغيرها من الشراكة المختلفة.
كان هذا ما توجع منه العرب والمسلمون.. وأسفوا لوقوعه من دولة تركيا المسلمة.
***
* ومن جملة من توجع من تلك العلاقات القوية بين الجانبين هو الشعب التركي المسلم الذي يشاهد صباحاً ومساءً ما تفعله إسرائيل بالشعب الفلسطيني من سفك لدمائه الغزيرة على مدار اليوم.. وحصاره, وتجويعه ، وهدم بيوته ، ومصادرة ممتلكاته.. وتجريف مزارعه.. وبناء الجدار العنصري داخل أراضيه.. وهو الجدار الذي يهزأ (بجدار برلين).
***
كانت تلك الفترة المشار إليها آنفا؛ الصورة المختزلة لما بين تركيا وإسرائيل كابوسا يكتم أنفاس العرب والمسلمين.. إلى أن شاءت إرادة الله جل شأنه أن يظهر للجيش التركي أولاً.. وللدول غير الإسلامية - ثانياً - الحقيقة الناصعة بأن الشعب التركي شعب مسلم.. لم ولن يتخلى عن ثقافته الإسلامية.. ولا عن عواطفه الدينية والإنسانية مع الشعب الفلسطيني خاصة.. ومع قضايا الإسلام والمسلمين عامة.
***
حسبنا هذا المنعطف التاريخي الجميل الذي جعل الشعب التركي يصوت - عن بكرة أبيه - كما يقال - لحزب رئيس الوزراء الحالي (رجب طيب أردوفان) ذي الاتجاه الإسلامي الواضح ومعه وزير الخارجية عبد الله أوغلو.. نَدِيدُه في هذا التوجه.
كانت هذه الانتخابات البرلمانية التركية الأخيرة.. بداية النهاية - إن شاء الله - لمسح المرحلة السابقة ذات العلاقة الوثيقة بين (أنقرة) و(تل أبيب).. ولا سيما أن إسرائيل طعنت تركيا طعنة نجلاء عندما تدخلت وتمادى تدخلها في المنطقة الكردية بشمال العراق.. وحرّضَتْ (الأكراد) وما زالت على الانفصال عن العراق ولو بطريقة سرية.. وإبقاء القشرة الظاهرية كرابط لها مع الشعب العراقي.
وهذا التدخل الصهيوني الخبيث في الشأن القومي الكردي بشمال العراق هو محاولة لإيقاد حرب طاحنة بين الأكراد في كل من العراق وتركيا وايران من جهة والدول الثلاث من جهة أخرى.. وهذا ما اغضب تركيا ووتر علاقاتها اليوم؛ بصديقتها بالأمس.
ولا شك أن التاريخ اليهودي الأسود.. مليء بكل مخازي الغدر والخيانة والفساد والإفساد في كل بقعة يوجدون فيها.. إلا إذا حصلت لهم السيطرة على كل مقدرات الدول والشعوب كحالهم في (أمريكا).. وبعض الدول الأوروبية..!
***
إن العالم الإسلامي في مشارق الأرض ومغاربها يقف مع تركيا في الحفاظ على وحدتها القومية والوطنية.. وسوف يناصرها علانية وبكل ما يملك من إمكانات إذا ما اشتد التأليب الصهيوني للأقليات الكردية على دولها التي تتحد معها.
***
حقاً إن المسلمين ليسوؤهم ما يسوء أشقاءهم في تركيا من ضغوطات وايذاءات من إسرائيل وغيرها.. ولا سيما أن المواقف التركية الأخيرة.. وانتخاب أمين عام مؤتمر العالم الإسلامي من أبنائها.. تُرْهصُ بعودتها إلى منابعها الإسلامية الأصيلة من محمد الفاتح.. إلى آخر سلاطينها السلطان عبد الحميد.. وهذا ما يقرب المسافات السياسية والثقافية بينها وبين أشقائها في هذه الرابطة.. وهو ما يأمله العرب والمسلمون.. وان غداً لناظره قريب.
|