*د. عاطف فيصل البصاص:
قد يتوقع الكثيرون أن السمنة هي مجرد منظر غير مقبول أو تشويه لجمال الجسم أو مجرد زيادة في الوزن عن المعدل الطبيعي فقط غير مدركين أنها تعد من الأمراض الخطرة التي قد تطال الجسم بأكمله لا سمح الله ، وقد صنفها الأطباء المتخصصون أنها تعد من (أمراض العصر الحديث) وقد كان الأطباء في السابق يقفون مكتوفي الأيدي غير قادرين على إيقافها والحد من انتشارها بالجسم، ولكن مع تطور الطب وتوفر التقنية الحديثة أمكن الوقوف بوجهها من خلال عدد من الطرق الطبية العلمية الحديثة في معالجتها من خلال ( تحوير الأمعاء أو تدبيس الأمعاء الطولي) من خلال هذا الحوار التقينا بالدكتور عاطف فيصل البصاص استشاري جراحة المناظير والسمنة بمستشفى القوات المسلحة بالرياض والخرج وهو من رواد عمليات تدبيس المعدة الطولي وتحوير الأمعاء بالمنظار في المملكة، وأجرى أكثر من 700 حالة تدبيس معدة طولي وأكثر من 170 حالة تحوير الامعاء بواسطة المنظار على مر الأربع سنوات الماضية بنسبة نجاح عالية جداً، ويعتبر ممثل المملكة ضمن جمعية حوض البحر الأبيض الشرق أوسطية إفريقية في جراحة المناظير ليحدثنا عن السمنة وأضرارها وكيفية الوقاية منها من خلال الطرق الحديثة والآمنة في ربط المعدة فإلى هذا الحوار:
****
مضاعفات السمنة
* د. عاطف ما هي السمنة وما هي مضاعفاتها وأنواعها وأضرارها على جسم الإنسان ؟
- تعتبر مشكلة السمنة من المشاكل الحديثة والدخيلة على مجتمعنا العربي وقد أصبحت هذه المشكلة في الفتره الأخيرة إحدى العوائق الصحية في المنطقة، حيث تبلغ نسبتها أكثر من 20% في حين أن نسبتها لا تزيد عن 13.6 في دولة مثل الولايات المتحدة الأمريكية و11.5% في دول أوروبية مثل ألمانيا وهولندا كما أنها لا تزيد عن 2.7% في دولة مثل اليابان، ومضاعفاتها الطبية كثيرة وأبرزها مرض السكري، إرتفاع ضغط الدم، أمراض المرارة، أمراض الجهاز الهضمي وبالذات الترجيع المرئي، إضطرابات الدورة الشهرية عند السيدات، إنحلال المفاصل، ركود الدم الوريدي، إختناق النفس عند النوم، الشخير، أمراض الشرايين التاجية، تصلب الشرايين، زيادة إحتمال الإصابة ببعض أنواع السرطانات، الموت المفاجيء وخاصة عند صغار السن.
طرق العلاج
* كيف يمكن التخلص من السمنة وكيف يتم علاجها ؟
- طرق علاج السمنة يختلف حسب الحالة، فهناك السمنة البسيطة والمتوسطة ولها عدة طرق لتخفيض الوزن، أما في حالة السمنة المفرطة والخبيثة فقد أثبتت الدراسات عدم جدوى الطرق التقليدية في علاجها ولا بد من التدخل الجراحي في التخلص منها وينصح عدم ترك الحل الجراحي كأخر الحلول لعلاج السمنة المفطرة إذ إن مخاطر تأجيل علاجها وخيمة، وهناك أنواع العمليات الجراحية التي يمكن من خلالها علاج السمنة ولكل منها فوائدها وأضرارها الجانبية وتتلخص في ثلاث طرق:
الطريقة الأولى: تغيير شكل المعدة لتقليص سعتها أو ما يعرف بربط المعدة Gastropasty وهذا النوع يعترض كمية الأكل دون التدخل بعملية الهضم وهي العملية الأكثر والأمثل لعلاج السمنة المفرطة لقلة أخطارها وارتفاع نسبة نجاحها.
الطريقة الثانية: توصيل المعدة جانبياً بالأمعاء Gastric ypass مع أو بدون استئصال جزء من المعدة وهذا النوع يعترض كمية الأكل وكذلك عملية هضم وامتصاص الطعام، ويؤدي إلى نقص في بعض الفيتامينات والحديد في أقل من 5% من الحالات مما يستوجب تزويد المريض بها، وهذه العملية تستعمل لعلاج السمنة الخبيثة.
والطريقة الثالثة: استخدام أشكال مصنعة مثل البالون أو لفافة المعدة Total Gastric wrap وهذه الطريقة نتائجها غير مرضية كما أن لها مشاكل كثيرة ( Adjustable gastric band).
* الاختيار الجراحي متى يكون الخيار الجراحي حلا أمثل لعلاج السمنة ؟
- اختيار العلاج الجراحي الأمثل لعلاج السمنة يعتمد بشكل كبير على عدة عوامل تتلخص في ما يلي : نسبة السمنة عند المريض والتي يتم حسابها بواسطة نسبة الكتلة الجسمية وهي نسبة مئوية للوزن على مربع الطول، وتبلغ النسبة الطبية للأشخاص العاديين ما بين 22-25% وزيادة هذه النسبة عن 30 كجم - م2 تعني وجود سمنة مفرطة أما زيادة هذه النسبة عن 35كجم - م2 فإنها تصبح أحد أسباب إجراء العمليات الجراحية التي يتم فيها تقليل قدرة المريض على الأكل مثل وضع الحلقة السليكونية أعلى المعدة أو إجراء عملية تدبيس المعدة الطولي وهما أكثر العمليات الجراحية التي يتم إجراؤها حاليا لعلاج مشكلة السمنة، أما إذا زادت نسبة الكتلة عن 50 كجم - م2 أو إدمان المريض بالسمنة على أكل السكريات فإن هذه العليات تعجز عن حل مشكلة السمنة لديه ويصبح من المتوجب إجراء عملية تحوير الأمعاء والتي يتم فيها تصغير حجم المعدة وبالتالي تقليل كمية الأكل المستهلك إضافة إلى أن تحوير الأمعاء يقلل من قدرة الأمعاء على امتصاص الغذاء بنسبة تزيد على 50% من القدرة العادية، وقد أثبتت هذه العملية نجاحها في التحكم في نزول الوزن والحفاظ على الوزن الجديد لفترات طويلة تصل إلى مدى الحياة.
والآن وقد توصل العلم الجراحي إلى إجراء هذه العمليات بواسطة المنظار الجراحي فإن إمكانية إجراء هذه العمليات في وقت مبكر يمكن المريض من تفادي الانتظار حتى حدوث مضاعفات السمنة السابق ذكرها.
صحة تدبيس المعدة
* هل عملية تدبيس المعدة تقي من الأمراض المصاحبة للسمنة ؟
- ثبت علمياً ان عمليات ربط المعدة جراحياً لا تساهم في تخفيف الوزن إلى حده الطبيعى فقط، بل وتساهم بإذن الله في حماية الانسان من التعرض لأمراض قد تودي بحياته، وهذا ما اكده بحث جديد صدر في أمريكا بازدياد الإقبال على عمليات الربط بهدف التخلص من الوزن الزائد، حيث ذكر البحث ارتفاع عدد الأشخاص الذين خضعوا لجراحات تخفيف الوزن من 40 ألفاً عام 2001، إلى 86 ألفاً عام 2003م، ومن المتوقع أن يصل إلى 140 ألفا في العام المقبل، وكانت البحوث السابقة قد أظهرت أن عملية ربط المعدة تحسن حالات السكري وارتفاع ضغط الدم وغيرها من الأمراض الناتجة عن الإفراط في الوزن وزيادة كميات الدهون، وهذا مابينته الدراسة الجديدة التى عرضت في اجتماع الكلية الأمريكية للجراحين، وتعتبر الدراسة أن الأشخاص الذين يملكون عامل جسم كتلي الذى يقيس الوزن تبعا للطول، فوق 25، مفرطين في الوزن، ولكن وفقاً للإرشادات الحكومية الأمريكية، فإن المرضى الذين يصل هذا العامل لديهم إلى 35 أو 40 مع إصابتهم بأمراض خطيرة، أو من يتعدى الوزن الإضافي لديهم الخمسين كيلوغراما، هم المناسبين لعمليات ربط المعدة، التي تعتمد على إغلاق معظم أجزاء المعدة بحيث يدخل الطعام لجزء صغير جداً منها يتم وصلة بالأمعاء، بينما يوصل الجزء غير المستعمل من المعدة بالأمعاء من الأسفل لطرح السوائل، فيشعر المريض بالشبع بكمية قليلة من الطعام، وإذا ما أفرط في تناول طعامه فإنه يتعرض للتقيؤ فوراً، فيفقد على أثره ثلاثة أرباع وزنه الزائد في السنة الأولى، ثم يفقد القليل بصورة تدريجية، إلى أن يصل إلى الوزن الملائم لطوله خلال السنة الثانية من إجراء العملية، وتساعد هذه العملية أيضاً في المحافظة على نسبة الوزن الجديد.
* العملية بالمنظار متى كانت البدايات لربط المعدة وكيف تتم وهل يتم استخدام المنظار في ذلك ؟
- كانت بداية محاولات ربط المعدة في أواسط القرن العشرين، أي أن تاريخها يرجع لأكثر من 40 عاماً واتخذت عدة أشكال إلى أن استقر الحال على ربط المعدة ثم بدأ إجراء هذه العملية بجراحة المنظار منذ عام 1994م، وتتلخص العملية في ربط المعدة عودياً بحيث يتم تقليص سعتها 30-50 ملم فقط، أما الجزء المتبقي فلا يستأصل وإنما بعملية الربط يكون قد استبعد فلا يعد من سعة المعدة، كذلك يتم تحزيم الجزء الأسفل من المعدة المربوطة لكي يعمل كمخرج جديد للمعدة ولكي يمنع توسع المعدة المربوطة، ونتائج هذه العملية حسب الإحصائيات جيدة جداً حيث يفقد غالبية المرضى 80% من الوزن الزائد خلال السنة الأولى بإذن الله، وبالمناسبة فإن تدبيس المعدة هو أكثر عملية تجرى بالمنظار في أوربا. وتجرى في أي عمر كحال باقي عمليات التجميل بين 18-60 سنة.
تعليمات الطبيب أولاً
* هل لهذه العملية مخاطر وما الواجب اتباعه لمن أجراها؟
- من ناحية مخاطرها فهي بإذن الله قليلة جداً وغالبيتها تعالج دون الحاجة للجراحة، أما الفشل في انقاص الوزن فعادة يحصل عند المرضى الذين يتناولون الحلويات ولاسيما السائلة منها Sweet Eater بكميات كثيرة وهذا النوع من المرضى لابد من توعيتهم قبل إجراء العملية، وبفضل الله فقد تم إجراء للعديد عملية ربط للمعدة عمودياً بالمنظار لحالات سمنة مفرطة وخبيثة، ولكن أود أن أنبه إلى أن نجاح العملية يعتمد بعد الله على اختيار المريض المناسب للعمل الجراحي، وأن يكون الجراح ذا خبرة جيدة، وأن يلتزم المريض بتعليمات طبيبة ويداوم على مراجعته في الزيارات التي يحددها له الطبيب بعد العملية، كما أن على المريض اتباع تعليمات الطبيب فيما يختص بالأطعمة التي يسمح له بها للمريض حيث إن المجرى له عملية تدبيس المعدة يجب أن يخضع أول شهر لتناول السوائل ثم بعد ذلك أطعمة طرية وبما أن حجم المعدة بعد العملية أصبح صغيراً فسيحس المريض بالشبع سريعاً، ان مثل هذه العملية هي العملية التي يستطيع من خلالها المريض الذي يعاني من السمنة المفرطة ان يشفى منها بإذن الله بشرط اتباع تعليمات الطبيب بعد العملية.
خبر يهم النساء:
* هل تشكل عمليات من هذا النوع مشكلات لدى النساء خصوصاً فيما يتعلق بالحمل والانجاب؟
- بالعكس فإن إجراء مثل هذه العمليات للنساء لايشكل عائقاً عن الحمل عند السيدات بل على العكس فقد أثبتت الدراسة التي أجراها الدكتور الجارودي أن نسبة العقم عند السيدات البدينات قد تصل إلى 50% وأن نسبة استجابة تلك السيدات من ناحية الانجاب بعد إجراء عمليات السمنة يصل إلى 100% والحقيقة أن إجراء هذه العمليات بالمنظار له مردود كبير على الشكل الجمالي للجسم حيث إن الندبات الصغيرة تختفي آثارها بعد مرور سنة من إجراء العملية، والغريب أن دقة إجراء العملية بالمنظار تتعدى دقتها بفتح البطن حيث أن المنظار يمكن تحريكه داخل البطن بسهولة والوصول إلى كل الزوايا المطلوبة، كما أن الطاقة التكبيرية للمنظار تتعدى الثلاث مرات للحجم الطبيعي للأشياء.
د. البصاص: العلاج الجراحي بالمنظار الحل الأمثل لعلاج السمنة وتدبيس المعدة الطولي أكثر العمليات الجراحية لعلاج هذه المشكلة
د. البصاص: العلاج الجراحي بالمنظار الحل الأمثل لعلاج السمنة وتدبيس المعدة الطولي أكثر العمليات الجراحية لعلاج هذه المشكلة
|