إن إدارات التربية والتعليم والمشرفين التربويين لهم دورهم الهام في توجيه وتدريب وتأهيل هؤلاء المدرسين حتى تنمو قدراتهم التربوية والفكرية الراقية وعليهم في هذا المجال دور كبير من إرشاد وتوجيه وندوات مستمرة ثقافية فكرية متتابعة منهجها الالتزام بالوسطية لهذا ليس عيبا ولا ينقص من قدرات المدرس الذي ينتمي لهذه الندوات ولا يحط من قيمته الفكرية والعلمية والتربوية على أن تكون على أسس سليمة وعلمية منهجها الدين الحنيف والطاعة لولاة أمرنا.
من هذا المنطلق يجب التعامل بجدية مع هذا الباب أي تثقيف وتأهيل المدرسين وخاصة الغير مؤهل منهم لأن ذلك ليس شأنه وحده بل جيل بأكمله ومجتمع برمته فهذه نقطة هامة وهي تأهيل وتثقيف كل معلم حتى يستطيع أن يربي ويعلم على أسس سليمة ومنهج واضح.
إن الحديث في هذا المجال طويل و لكن علينا ألا نغفل ولو للحظة واحدة بأن الموضوع خطير ودقيق فإما أن ننشئ جيلاً قائما معتدلا متعلما أو جيلا متمرداً.
إن ديننا الإسلامي الحنيف يحض على الوسطية {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} الآية.
ويحضنا على عدم الغلو في كل شيء، فالمدرسة لها مكانة كبيرة وعظيمة لدى الطفل فمن كانت لديه عادات سليمة وحسنة يجب أن ننميها ونقويها في نفس الطفل حتى تزداد محبته وألفته وثقته في معلميه وزملائه، ومن كان غير ذلك فيجب تقويمه بالرفق واللين بلا عنف ولا توبيخ ولا إهانة، ونزع ما غُرس من الأفكار السيئة والغريبة عن مجتمعنا بما لا يتعارض مع مقومات هذا الطفل النفسية والبدنية.
إن من تربى تربية سليمة من السهل عليه أن يتلقى شتى أنواع العلوم الدينية والدنيوية النافعة التي ترتقي بالمجتمع إلى أعلى درجات المجد والرقي وهنا يبرز دور الأسرة مرة أخرى المتكاثف مع المدرسة وخاصة الآباء ودورهم في مساعدة أبنائهم في مرحلة ما بعد البيت وأن المدرس له مكانته، وأن نبتعد عن العواطف التي كثيراً ما تؤدي إلى الفشل الذريع.
إن ما لم يستطع الأب فعله في البيت تستطيع المدرسة فعله إن خلصت النوايا بين الطرفين وأن يكون الأب عضدا للمدرسة وأن يكون عنصراً فعالاً في هذا المجال والمتابعة الدقيقة لأبنائه في المدرسة والبيت نصل وبإذن الله إلى أعلى درجات الرفعة والمجد لأبنائنا.
ويتوالى دور المدرسة في تعليم الأبناء التعليم النافع بالإخلاص الجاد لدينهم وولاة أمورهم ووطنهم وتتوالى عليهم العلوم النافعة الدينية والتربوية المتطورة التي يمكن للعقل السليم أن يتشربها ويهضمها بكل يسر وسهولة.
إن النشاط المصاحب للمنهج المقدم للطلاب له مفعول السحر لديهم من برامج رياضية ومسابقات ثقافية وإبراز ما لديهم من هوايات فنية وإبداعية ومهارات متفاوتة لدى الطلاب وتنميتها والحض عليها والتشجيع المستمر بما يقوي العقل والبدن وعدم الاستهانة والإهمال لأية قدرة لدى الطلاب، والمتابعة بعين ثاقبة لكل طالب كل في مجاله وإتاحة الفرصة كاملة لإبراز ما لديه من مهارات.
كل ذلك يؤدي لإنشاء جيل واثق من نفسه وقدراته يدري ما يريد فعله يبني ولا يهدم ولا تترك له الفرصة ليكون فريسة لفئة قليلة ضالة مضلة منحرفة.
إن الطالب الذي تربى هذه التربية ليس لديه المجال للانحراف أومخالطة المنحرفين لأننا غرسنا به غرسا طيبا يُؤتي أُكله بعد حين.
التشجيع المستمر من قبل المعلمين للطلاب المميزين أخلاقياً ودراسياً ومهارياً ولو بهدايا رمزية وصغيرة فهي لها أكبر الأثر في نفوس الطلاب وتكون محفزاً قوياً لهم ولأمثالهم ولباقي الطلاب ليحذوا حذوهم، وإن لكل مجتهد نصيبا.
اعلم أخي المدرس أنه ليس هناك طالب فاشل بل مدرس فاشل، فإن رأيت في طلابك النبوغ والاستيعاب والتقدم فسر واجتهد وأكمل وتقدم على بركة الله فهذا ثمرة نجاحك وأسلوبك الجيد وعلمك الغزير الذي جعل طلابك ينهلون من علمك ومن أخلاقك وإن كان غير ذلك فاعلم أنك أنت السبب الرئيسي في ذلك فقوم نفسك وغير من أسلوبك واجتهد لأن الطالب صورة لمدرسه.
إن ما نراه من طلابنا في فترة ما بعد الدراسة وهم غالبية المجتمع، إن ما نراه من تسكع في الشوارع من البعض منهم إنه لشيء خطير ومؤلم وهذا يهدم ما تم بناؤه في المدرسة بل والأخطر أنهم يُرافقون قرناء السوء وما أدراك ما هم.
فهذه ظاهرة لا تليق بمجتمعنا وعاداتنا وأخلاقنا التي تربينا عليها، ومن هنا يبرز الدور الهام للمجتمع بأسره، وهنا يجب التدخل بسرعة لتوجيه هؤلاء الطلاب كل إلى ما يهوى ويحب من أنشطة يهواها ويحبها التوجيه السليم حتى لا ندع له فرصة من الوقت المهدر الذي ربما ساعة هدامة تغني عن أيام نافعة.
وفي الختام أتوجه إلى الله العلي القدير أن يأخذ بيدي وبيد إخواني رجال التربية والتعليم لكل ما يحبه ويرضاه لرفعة هذا الوطن الغالي في طاعة الله وطاعة ولي أمرنا، مذكرا إياهم بما هم فيه من الخير في الأمور الدينية والأمور الدنيوية وليعلموا أن الله قد هيأ لنا ولاة صالحين مصلحين إن شاء الله فضلا عن أنهم يحكمون شريعة الله في هذا البلد الغالي.
وهيأ لنا علماءً أفاضل أئمة كبارا على منهج السلف الصالح حقيقة لا دعوى فعلى الأمة عامة والشباب خاصة:
1) أن يكونوا مطيعين لولاة أمرهم في طاعة الله سبحانه وتعالى، ساعين في جمع الكلمة تحت لوائهم سالكين سبل الصلاح والإصلاح حتى تزول الغمة وتنكشف ونجتث هذا البلاء من جذوره ونعود أفضل ما كنا عليه.
2) أن يضعوا أيديهم في أيدي علمائهم الأعلام - كهيئة كبار العلماء - ناهلين من علمهم الصحيح وعاملين بما عملوا متأدبين بأدبهم ومقدرين لهم منزلتهم العلمية.
3) إلى الإخوة رجال التربية والتعليم عامة علينا الانتباه واليقظة والحذر فيما بيننا من عناصر هدامة بأن لا نسمح لهم بالاندساس والتسلل فيما بيننا.
إن وزارتنا وعلى رأسها معالي الوزير يبذلون جهودا جبارة في هذا المجال وعليه فإن وضع الرجل المناسب في المكان المناسب من ذوي التوجيه السليم والذين عرف عنهم محبة هذا الوطن وولاة الأمر والإخلاص لهم من مشرفين ومسؤولين قادة العمل الميداني، وألا ننخدع بالمظهر العام للرجل ونتناسى أو نغفل جوهره الداخلي.
ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.. ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا.. ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا.. ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به، واعفُ عنا واغفر لنا وارحمنا، أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين.. إنك أنت السميع العليم.
|