Sunday 27th June,200411595العددالأحد 09 ,جمادى الاولى 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

ثوابت الدين والوطن في كلمات الأمير سلمان بن عبدالعزيز ثوابت الدين والوطن في كلمات الأمير سلمان بن عبدالعزيز
د. محمد بن سعود البشر

كثيرة هي المناسبات التي تمر بالمجتمع.. بيد أن منها ما يبقى عالقاً في الذهن.. مستدعياً للشعور.. ومهيمناً على الوجدان. في كلمات الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمام حشد من رجال التربية والتعليم بمناسبة رعايته لحفل جائزة التفوق العلمي لأوائل الطلاب والطالبات في الرياض، ملامح رئيسية لثوابت الدين، وركائز الوطن، فمضامينها تذكير بالأصول، وتأكيد للمنهج، ورؤى لاستشراف المستقبل، وحري بأهل الرأي والقلم الحديث عنها لأسباب:
1 - أنها جاءت في وقت تتعرض فيه المملكة لحملة فكرية ضارية على ثوابتها والأصول التي قامت عليها.
2 - أننا نشاهد العالم من حولنا وهو يخوض غمار تقلبات في الأسس، وتموجات في التوجه، ومساومات على المبدأ والمصير.
3 - أن من بيننا من تحدث - بغير فقه ولا وعي ولا إدراك - عن كثير من هذه المسلمات، وكانوا عرضة لتأثير الواقع السياسي الدولي، أو الضغط الاجتماعي المحلي، فكانت هذه الكلمات (خطاً فاصلاً) بين ما يمكن الحديث عنه وما لا يجوز الخوض فيه.إن قراءة فاحصة متأنية للكلمات متأملة في المضامين، تكشف في حديث الأمير عن جملة من الحقائق التي يذكرنا - جميعاً - بها، ومنها:
أولاً: أن هذه البلاد قامت على التوحيد في أطوارها الثلاثة، ولئن أعاد الحديث عن هذه الحقيقة إنما يؤكد ما نص عليه نظام الحكم في مادته الأولى من أن هذه البلاد قامت على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وخدمتها للدعوة الإسلامية إنما هو تطبيق صادق وعملي لما نص عليه نظام الحكم أيضاً في مادته السابعة ومادته الثالثة والعشرين.
ثانياً: عندما قال الأمير: (.. هناك قواعد راسية لا تتزحزح وهي العقيدة، كتاب الله وسنة رسول الله ولا يمكن بحال من الأحوال أن تتغير..) وقوله: (.. أؤكد على الثوابت التي لا يمكن بحال من الأحوال أن نقبل أو يقبل إنسان سوي تغييرها) إنما يرمي إلى ضرورة الحفاظ على هذه الثوابت التي ضمنت - بعد حفظ الله - بقاء الدولة قوية متماسكة خلال عقود من الزمن خضعت فيها كثير من الدول إلى تحولات قهرية، تزلزل فيها البناء، وتصدعت الأسس، وتبدلت الثوابت، واختل المنهج.
ثالثاً: التأكيد على منهج (الوسطية) الذي كان عليه سلف هذه الأمة الصالح، وتربية الناشئة عليه، وتمثله في الاعتقاد والقول والعمل. فقد عانى المسلمون من الغلو في الدين، حتى ارتفعت رؤوس ما كان لها أن ترتفع، فنالت من الأصول، وتجاوزت الثوابت، وعرقلت مسيرة الدعوة إلى الله بعد أن كانت تملأ الدنيا، وتسابق الضوء، ثم تهيأت - على إثر ذلك - بيئة سوء فرطت في الأسس، واقتنصت الفرص، وتحينت سويعات الشطط فنالت من الدين وأهله، وطالت ثوابت الوطن، ونبشت في أسس البناء، وعلا صوتها فوق صوت العلماء والمربين والمخلصين، وشوهوا صورة الصالحين، ونبزوا المتدينين من شباب الأمة، ورموا المؤسسات الدينية بالتهم والأباطيل، وكل ذلك من الغلو المنافي للوسطية، المجافي لمنهج الدولة.
رابعاً: أن دولة انطلقت من أرضها رسالة الإسلام إلى العالمين، يتوجه إليها المسلمون فوق كل أرض وتحت كل سماء، وتحتضن أقدس مقدساتهم حري بأهلها أن ينفروا خفافاً وثقالاً للدفاع عنها، إذ هي حمى الإسلام وحامية رسالته ومقدساته، ولو لم يكن لهذه البلاد إلا هذا الشرف لكفاها.
خامساً: حيث إن المناسبة تعليمية فقد جاء الحديث عن التطوير مرتبطاً بالأسس التي قامت عليها الدولة وتأسست، فقد دعا إلى الرقي بمستويات التعليم وتطويرها بما يتناسب وحاجة الأمة، وقد كرر ذلك تأكيداً على المبدأ، وحسماً لكل الآراء الخارجة عنه أو المتطاولة عليه. لقد كانت نبرة الصوت وجرس الكلمة وحركة اليدين والعينين، وتكرار العبارة، كل ذلك مؤكدات للثوابت، ومحددات لمجالات التطوير والاجتهادات.
سادساً: هناك تراث إسلامي عربي يجب أن نحافظ عليه، لأن من ليس له تاريخ لن يكون له حاضر ولا مستقبل).. هذه هي كلمات الأمير، مذكرة الجميع بأن هذا البلد ضارب في عمق التاريخ، مرصع بملاحم الشرف، شرف المكان، وشرف الانتماء، ومن ثم فإن استشراف مستقبله لابد أن يكون من رؤية تراثه، وامتداد حاضره، أما المنبت الذي لا أرضاً قطع، ولا ظهراً أبقى فليس له مكان في مسيرة الشرفاء.
هذه قراءة عجلى لمضامين الكلمة، ودلالات العبارة، وتأكيدات المعنى، أرجو أن يضعها أهل التربية والقلم - على وجه الخصوص - نصب أعينهم عندما يتحدثون عن (ثوابت الدين والوطن).


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved