الحمد لله وبعد: طالعنا ما كتبه الأخ عبدالله بن بخيت في العدد 11589 تحت عنوان بلاد الحرمين وقد قام الكاتب -هداه الله- بهجوم لا مبرر له على التسجيلات الإسلامية والدعاة والمشايخ والمساجد بدعوى أنها وراء جماعة التكفير والخروج على ولاة الأمر والقيام بالتفجير والإفساد.. ولي مع ذلك المقال وقفات أوضّح فيها بعض المغالطات، أرجو أن ترى النور كما رأت تلك الاتهامات النور على صفحات (جزيرتنا) فأقول:
1- قال الكاتب (كنت عندما يتبرع أحدهم بإهدائي أشرطتهم أو مطوياتهم أجامله ثم أتخلص منها) فأقول: أليسوا إخوة لك في الدِّين؟ وألست تجد في تلك الأشرطة استشهاداً بالآيات والأحاديث وفتاوى العلماء في أي قضية تُطرح أو منكر يُعالج؟ ثم لماذا تقول (أشرطتهم، مطوياتهم!) غالباً أن هؤلاء الذين يهدون تلك الأشرطة والمطويات لم يكتبوها ولم يكونوا هم المتحدثون فيها وإنما يوزعونها من باب فعل الخير ونشر الحق.. ثم إن الحل الأمثل لما تجده في تلك الأشرطة والمطويات من مخالفة للدِّين أو تحريض على الفساد أن تسلمه للجهات الأمنية أو وزارة الإعلام أو أي جهة لها صلاحية محاسبة التسجيلات التي صدر منها الشريط أو دار النشر التي صدرت منها المطوية.. أليس هذا هو الواجب عليك وعلى أمثالك ممن يحرصون على حماية المجتمع من الأفكار الهدامة والتوجيهات المنحرفة..؟ بلى.
2- قال الكاتب (فالأمر لم يعد ترويجاً لاحتقار المرأة أو معاداة التقدّم الإنساني والتحديث أو تحريم السفر...)، فأقول: ومن قال ذلك؟ فالعلماء والخطباء والمحاضرون والدعاة لا يدعون لاحتقار المرأة ولا يعادون التقدّم غير المخالف للشريعة ولايحرِّمون السفر المباح، وياليتك ذكرت دليلاً على ما ذكرت أو اقتطعت الشاهد مما ذكرت مما سمعته من شريط أو قرأته في مطوية.. أما الاتهام المجرد فيؤسفنا أن يصدر من مثلك.
3- قال الكاتب (فقد اتضح في السنوات الأخيرة أنهم انتقلوا إلى الجانب العملي والتطبيقي لما يقولون وتكشفوا عن عمل حربي تقليدي...) فيا سبحان الله! ما علاقة ما ذكرت من احتقار المرأة ومعاداة التقدم وتحريم السفر بأحداث التفجير وتيار التكفير؟ ثم إن تلك الأشرطة والمطويات التي زعم الكاتب أنها أدّت إلى العمل الحربي معلومة لديه وبأسماء أصحابها فهلاَّ ذكر لنا منها أمثلة أو تقدَّم بها للجهات الرسمية ليكشف عن بدايات هذه الأعمال التخريبية والأفكار المنحرفة والجرائم البشعة؟ إنَّ هذا غير صحيح شمل به الكاتب جميع الأشرطة والمطويات وجميع المتحدثين والكتَّاب لتلك الأشرطة والمطويات، وهذا اتهام غير مقبول لتسجيلاتنا ولا لدور النشر المصرّح لها رسمياً والمراقبة من الجهات المسؤولة.
4- قال الكاتب -سامحه الله- (فخطاب حزب الصحوة الدعوي في المساجد والمدارس والاستراحات والتجمعات الكشفية وغيرها كان يرافقه في الوقت نفسه تأمين السلاح والمعدات والتدريب...) فأقول: يا أخي لقد أبعدت النجعة وتجرأت على مالا تستطيع أن تثبته بل واتهمت الأجهزة المشرفة على المساجد والمدارس والتجمعات الكشفية أنها وراء الأحداث!! علماً بأن الأنشطة الدعوية التي تقام في المساجد والتجمعات الكشفية تكون تحت إشراف رجال في مستوى المسؤولية بل وأعمالها وبرامجها معلنة للجميع ولا تُقام إلا بإذن من الجهة المسؤولية عنها. أتخفى عليهم تلك الأعمال وتأمين السلاح والمعدات و... وتظهر لك أنت؟!.. لماذا لا تحدد المدارس والمساجد والاستراحات والتجمعات الكشفية التي كانت تمارس ذلك ولماذا لم تكتب عنها إلا بعد (وقوع الفأس في الرأس كما يقال)؟.. ولماذا لا تعتذر ما دمت لاتمتلك الدليل، فالحكمة والحُلمُ عند المصائب والفتن من أهم أسباب التقويم.
5- قال الكاتب (حتى أنك ستلاحظ أن كلمة بلاد الحرمين صارت تحل محل كلمة المملكة العربية السعودية... وحتى في فتاواهم...) فأقول: أليست بلاد الحرمين وصفاً للمملكة العربية السعودية، أليس ملك المملكة العربية السعودية-حفظه الله ومتعه بالصحة والعافية- قد تشرّف بلقب (خادم الحرمين الشريفين)؟.. فلماذا هذه المغالطة؟ ولمصلحة من؟.. هل سألت واحداً ممن اتهمتهم باستبدال كلمة المواطن السعودي -هل سألته- عن جنسيته فرفض الانتساب للمملكة العربية السعودية؟..
إن هذه إثارة لا رصيد لها من الواقع.
6- نصح الكاتب بالتعرف على: أين درس المقرن وعصابته، وعلى أي المساجد كان يختلف ومن هم شيوخه وماهي الكتب التي كان يقرأها!؟.. فأقول: إن المدارس والمساجد والشيوخ والكتب ليست السبب فيما يحمله من قاموا بالتكفير والتفجير والترويع، فالمدارس تعلّم فيها كل تلميذ، والمساجد يصلي فيها كل مسلم ومع ذلك تُفاجأ بشخص يقوم بتعاطي المخدرات وتهريبها وقتل رجال مكافحة المخدرات عند مطاردته، وتفاجأ بآخر ينتهك أعراض المسلمات ويشرب الخمر وثالث يحمل فكراً تكفيرياً ويبيح لنفسه قتل المعاهدين ورجال الأمن والخروج على ولي الأمر، ورابع يقوم بالتزوير وأخذ الرشوة والتحايل على أنظمة الدولة وخامس وسادس و.....إلخ.. أتكون المدارس والمساجد والمشايخ مسئولون عن جرائم هؤلاء!؟.
7- كرر الكاتب -هداه الله- كلمة (حزب الصحوة) وزاد في آخر مقاله (حزب الصحوة الذي مورس من خلاله الإرهاب في البلاد...)، فأقول: إن الصحوة -إن صحّت التسمية- ليست حزباً بل الصحوة تطلق على العودة للاستقامة بعد الانحراف وإلى الهدى بعد الضلال والصحوة من الغفلة وإضاعة شعائر الدِّين.. فنسأل الله أن يجعلنا وإيّاكَ مِمَن صحّت عقائدهم وأخلاقهم وصَحَوا من الغفلة إلى الاستقامة على دين الله.
8- أنصح الكاتب بالتثبت فيما يقول ويكتب استجابة لأمر الله تعالى: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} (36) سورة الإسراء، والحذر من سوء الظن بالمسلمين لقول الرسول صلى الله عليه وسلم (إياكم والظن فإنَّ الظنَّ أكذب الحديث) رواه البخاري ومسلم.
والرفق في النصح، والعدل في الغضب والرضا، واللين في تصحيح الأخطاء وتقويم الإعوجاج وعدم التعميم للأخطاء.. وحسبنا قوله تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} (18) سورة ق، وقول الشاعر:
وما من كاتبٍ إلا سيفنى
ويبقى الدهر ما كتبتْ يداهُ
فلا تكتب بكفِّكَ غير شيءٍ
يسّرك في القيامة أن تراهُ |
رزقنا الله وإياك العلم النافع والعمل الصالح وأرانا الحق حقاً ورزقنا اتباعه والباطل باطلاً ورزقنا اجتنابه والحمد لله رب العالمين.
عبدالرحمن الوهيبي/ الخرج
|