المكرم سعادة رئيس تحرير الجزيرة (محرر عزيزتي الجزيرة) جعله الله مباركاً حيثماً كان.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد..
يطيب لي أن أعبر عن سعادتي وسروري كلما اطلعت على مقالٍ من المقالات القيمة التي تنشرها الجزيرة وتصب لصالح ديننا الإسلامي الحنيف، وتُدافع عن أجهزتنا الحكومية ومؤسسات بلادنا التربوية والدعوية، ومن ذلك مقالٌ للدكتور محمد البشر، فبقدر فائدتي وغيري ممن يتابعون الجزيرة بقدر ما أفرح لكم كإدارة تحرير وللكاتب نفسه، وأنا أتأمل قول القائل:
فما من كاتب إلا سيفنى
ويبقي الدهر ما كتبت يداه
فلا تكتب بخطك غير شيء
يسرُّك في القيامة أن تراه |
ولا أخفيكم كم تباشر القراء في المجالس وعبر رسائل الجوال عندما قرؤوا المقال القيم للدكتور محمد البشر بعنوان (عن المراكز الصيفية.. أيضاً) تعقيباً على هجوم الأستاذ حماد السالمي على وزارات بلادنا ومؤسساتنا الدعوية في مقاله المعنون ب(عودة على المراكز الصيفية والمخيمات الدعوية) ونشرته الجزيرة يوم الأحد 25-4-1425ه، نحسب مقالكم يادكتور محمد ذخراً لكم يوم القيامة، ففيه ذبٌّ عن وزارات (الشؤون الإسلامية ووزارة التربية والتعليم ووزارة الشؤون الاجتماعية) التي شكك فيها الكاتب حماد السالمي وشكك في المسؤولين عنها من حيث يشعر أو لا يشعر!! فلعلك تدخل يا د. محمد تحت قول الحبيب صلى الله عليه وسلم: (مَن ذبَّ عن عِرض أخيه كان حقاً على الله أن يعتقه من النار).
وإنني أتساءل: كيف يدَّعي الأخ حماد الإصلاح وهو يعلق المثل (الباب اللي يجيك منه ريح سده واستريح)؟ هل هذا بناء أم هدم؟!! كان المأمول من الأستاذ حماد وأمثاله أن يكون نقدهم موضوعياً بناءً، وليس كيلاً للتهم جُزافاً مستغلاً الظروف، ومشككاً في المراكز الرسمية والمخيمات الدعوية التي تنظمها حكومتنا الرشيدة ممثلة في أجهزتها المختلفة، ومتهماً لرجال تربويين أكفاء بأنهم يدعمون الإرهاب، فلو ثبت أن شاباً واحداً شارك بمركز من المراكز وهو متورط مع الإرهابيين فليس الحل إغلاق كل المراكز، بل يُحاسب ذلك الشاب والمسؤول المباشر عن ذلك المركز، قال تعالى: {مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى،} فلا يُغلق فيحرم شباب ذلك الحي مما وفرته حكومتهم مشكورةً لهم، فضلاً أن يُغلق حماد السالمي كل المراكز، فحكمك الغريب يا حماد يقضي بأنه إذا ثبت أن طبيباً أخطأ أن تُغلق كل المستشفيات!!!!
وإذا ثبت أن كاتباً صحفياً أخطأ هل سيغلق الأستاذ حماد أبواب كل الصحف!! وإنني أحذر الأستاذ حماد من قوله تعالى: {وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ}.
ثم أين دور الأستاذ حماد وأمثاله في معالجة مشكلات الوطن والشباب من تفحيط ومخدرات وسرقات وتسكع في الشوارع وسفرٍ للخارج وغيرها من مشكلات الشباب؟! كُنا نتوقع منه معالجتها في مقالاته.
وإذا كُنا نسمع ونقرأ عن الحملات الإعلامية الغربية على بلادنا -أدام الله أمنها وعزَّها- فليس ذلك بغريب عن الصهيونية التي بيَّن خطرها سمو ولي العهد -حفظه الله- في لقائه ببعض أهالي تبوك، لكن الغريب ترديد بعض كُتَّابنا لذلك الهجوم المجحف. والأغرب أن هجوم الغرب لا يستهدف جهات معينة أو وزارات محددة، بعكس هجوم بني جلدتنا في الجبهة الداخلية، فهذا الأستاذ حماد يقول في مقاله ما نصه: (مسألة المراكز الصيفية والمخيمات الدعوية، وما يجري في (بعضها) من تبني أفكار أقل ما يقال عنها: إنها إما متشددة ومتطرفة أو مخالفة وشاذة، فتقدم للطلاب وصغار السن على أنها مسلمات عبادية توجب المزيد من التكريه والنبذ والفرز الاجتماعي والتصنيف الفردي، وقد يصل الأمر إلى التكفير الذي يقود بعض الصغار من قليلي الخبرة إلى التفجير مثلما مر بنا ورأينا). وكلام حماد هذا يناقض ما صرَّح به معالي وزير الشؤون الإسلامية - حفظه الله- يوم السبت 24 ربيع الثاني لصحيفة الجزيرة في العدد (11581)؛ إذ (رفض معاليه ما يُنسب للتعليم الديني في المملكة من اتهامات باطلة، إن هذا التعليم موجود منذ توحيد البلاد)، فإذا كانت بلادنا صمدت في وجه التفجيريين والتكفيريين، أفلا يتورع الأستاذ حماد في توجيه التهم لهذه المراكز والمخيمات؟
ولعله طاف على الكاتب حماد -هداه الله- عند تحامله على المخيمات الدعوية والمراكز الصيفية أن أبناء المسؤولين والأمراء والوزراء والعلماء والقضاة والأطباء والضباط يشاركون في تلك المخيمات والمراكز. والأعجب أنه منذ أكثر من عشرين سنة وهذه المراكز تقام كل سنة، فلماذا لم يستنكرها الأخ حماد إلا بعد الحملات الإعلامية الغربية على بلادنا؟ ألا يعلم أن هذه جبهة جديدة يفتحها على بلادنا حرسها الله من كيد الكادين؟!
أما قول الأستاذ حماد السالمي: (إنه لأمر محير من جوانب عدة.. فمن جهة كيف تقرر وزارة التربية والتعليم إقامة مركز صيفي واحد في كل منطقة تعليمية، ثم تتصرف إدارات التعليم بمعزل عن مرجعها فتقيم عشرات المراكز من عندها بدون إذن أو موافقة..؟! ومَن يدعم هذه المراكز مالياً..؟! هذا أولاً.. ثم ثانياً: ما سر التهافت عليها من (بعض) منسوبي إدارات التعليم والجمعيات بمقابل أو بدون مقابل..؟!).
فأقول: إنني أتعجب من اتهامك هذا!! وهل نصبك معالي الوزير محامياً له؟ أو أنَّك أعلم بتوجيهاته من مديري التعليم؟ أم أنك تُريد من كل مدير تعليم أن يطلب من حماد السالمي الموافقة على إقامة مركز أو مدرسة؟ أم أنك لم تجد جهازاً حكومياً تتصيد عليه إلا هذا، ولم تجد إلا هذا الصيد؟! فكُنت أنتَ الصيد بهذه التهم الجزاف!
أما السر الذي أزعجك يا حماد وتسأل عنه (تهافت المواطنين والمسؤولين في إدارات التعليم والجمعيات بمقابل وبدون مقابل) فهو الذي أقضَّ مضاجع الأعداء الحاقدين في الخارج وأبواقهم في الداخل. إن السر الذي تسأل عنه هو (تلاحم المواطنين وتماسكهم مع قيادتهم) الذي جعل بلادنا تصمد في وجه التيارات المنحرفة التغريبية والتكفيرية التي تؤدي لتفجير المباني، أو تفجير المبادئ والقيم، وسيبقى هذا السر فهو الدرع الحصين بإذن الله لوحدة هذا الوطن المعطاء، وهو ما صرح به سمو وزير الداخلية - حفظه الله- لصحيفة الجزيرة بقوله: (إن هذا التماسك والتلاحم الذي يبديه المواطنون في مختلف مناطق المملكة هو الدرع الحصين لوحدة الوطن الذي يقوم على مبادئ العقيدة السمحة).
وأخيراً أتساءل: هل هجوم بعض الكُتَّاب في صحفنا على مؤسسات بلادنا في مثل هذه الظروف، واتهامها بمساندة الإرهاب عن جهلٍ منهم، أم لديهم أدلة لا نعلمها؟ فليظهروها إذن، ليكن نقدهم موضوعياً.. إنني أتساءل: ماذا يريدون إذن؟
أخي د. محمد البشر.. لا أخفيكم سراً إن قلت: إن الألسن تلهج، والأيدي ترتفع بالدعاء لكم كلما قرأت الأعين مقالاً لكم ينافح عن قيمنا الإسلامية وثقافتنا الإسلامية الأصيلة، أو بلادنا الغالية جعلنا الله وإياكم ممن يقولون القول فيتبعون أحسنه، ووفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، وأخذ بأيدينا للحق، وحمى بلادنا من كل سوء ومكروه، وحفظ لها أمنها، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
محبكم في الله: عبدالعزيز بن علي العسكر
إمام وخطيب جامع العذار بالخرج
ص.ب 1279 الدلم 11992 |