Saturday 26th June,200411594العددالسبت 8 ,جمادى الاولى 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

رؤية في نظام الضمان الاجتماعي التكافلي رؤية في نظام الضمان الاجتماعي التكافلي
مندل بن عبدالله القباع

يستهدف الضمان الاجتماعي خدمة فئة عريضة من فئات المجتمع السعودي ممن لا دخل ثابت لهم، أو من محدودي الدخل، ويتناول أيضا كفالة من لا عائل لهم؛ فهؤلاء في حاجة ماسة للدعم والمساندة حتى يتمكنوا من المساهمة على حد إمكاناتهم في تحمل نصيبهم في التنمية في المجالات الحياتية التي يقدرون على ولوجها وتفعيل دورهم فيها.
ومن حُسن القول: إن الضمان الاجتماعي نظام تكفله الدولة بدعم حكومي فترصد له ضمن ميزانيته الأموال اللازمة مما يجعل هذا النظام يحظى بفوائد ومميزات لمستحقيه من المواطنين، وهم الفئات المستفيدة من النظام.
وهو نظام إنساني في المحل الأول لما يقدمه من رعاية واجبة واهتمام ضروري لهذه الفئات المستحقة من خلال حرص ودأب القائمين عليه بتوجيهات سامية وعناية فائقة من قبل القيادة الحكيمة لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز، وتتضمن هذه التوجيهات العمل على تنمية مجالات وأساليب العمل الاجتماعي لتوسيع وانتشار مساحة الخدمات لتشمل شريحة غالية وعزيزة علينا في مجتمعنا المعطاء تحقيقا لأهداف النظام وغاياته التي تستهدف خدمة أبناء هذه الشريحة المعنية لتمكينها من دعم مواردها وتيسير شؤونها، والحرص على الوفاء بمطالبها، وتحقيق احتياجاتها لتمكينها من القيام في المجتمع السعودي بدور إيجابي وفعال، وتمكينها من الانطلاق الهادف خدمة وعطاء من خلال توفير الحياة الأبية الكريمة لها ولذويها، والنهوض بمستواها المعيشي.
هذه هي فلسفة قيم التكافل الاجتماعي ومفهوم الضمان الاجتماعي بما يعنيه من تضامن مع أفراد المجتمع كي يمكنهم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والأمن النفسي والطمأنينة التي تعكس غايات نظام الضمان الاجتماعي التي تتجسد - كما نرى - في تحقيق مستوى معيشي مقبول، ليس هذا وفقط، بل مستوى جيد بالمقاييس الموضوعة والمعمول بها في آلية الدولة، وهو من أهداف النظام ذاته في توجهه نحو العمل على توفير الحماية المادية الواجبة للمستحقين، والذين يشملهم هذا النظام من ذوي الحاجات الذين سبق ذكرهم في مستهل هذا المقال - وبحسب القواعد المقررة في اللائحة الموضوعة لتفعيل آلية هذا النظام، وتحقيق دوره الإنساني.
ونحن نوضح للقارئ الكريم غايات ومقاصد وفلسفة نظام الضمان الاجتماعي في بلادنا الغالية، إنما نشيد بإنجازات كريمة تتمثل في تهيئة وتوسعة رقعة الخدمات باعتمادها على ما هو متاح من إمكانات مادية، وقوى وظيفية وما تلاقيه هذه القوى من دعم لتمكينها من الوفاء بمتطلبات هذا التوسع الخدمي على الرغم من التباين في الفئات والطموحات والاهتمامات.
وشأن نظام الضمان الاجتماعي شأن كافة أنساق ونظم البناء الاجتماعي لا يخلو من ملاحظات ومشكلات وصعوبات التنفيذ التي عادة تظهر في الممارسة التطبيقية الميدانية، ولنا عندئذ وقفة حيث نود أن نطرح بعضا من هذه المشكلات التي ظهرت لإمكانية وضع الحلول العلاجية وبدائلها المناسبة لاستمرار الأداء والعطاء الجيد، كما نأمله ويأمله الكثيرون في بلدنا من ذوي الاهتمام بهذا النظام.
هذه المشكلة التي هي محل شكوى العديد من أصحاب هذا المعاش الضماني أعرضها على النحو التالي:
- مشكلة حرمان الأم من المعاش إذا كان لها أولاد يزيد دخلهم عن عشرة آلاف ريال، بحجة أن أولادها في مكنتهم - ظاهريا - أن ينفقوا عليها دون التحري اللازم عن واقع العلاقة المادية في ظل الظروف المعاشة التي هي نسبية، أي أنها تختلف من واقع أسرة لأخرى.
في الواقع أن مجتمعنا السعودي قد اعتراه التغيير لدرجة أصبحت فيها الأسرة تنعت بالأسرة النووية، ولسنا في حاجة أن نعدد أسباب ذلك الآن، المهم أن الآن نجد كل ولد يعيش في أسرته بمفرده مع زوجته وأولاده في الوقت الذي صارت فيه الأم أرملة أو مطلقة وتعيش بمفردها، أو مع أحد أبنائها في حين لا يتعدى دخله عن أربعة أو خمسة آلاف ريال، وفي نفس الوقت يجهز نفسه للزواج إذ لم يكن متزوجا فعلا، أو أنه يعول طفلا أو أكثر، كل هذا لا يهم باحث الضمان الاجتماعي الذي يطبق النظام جامدا، ولن يلجأ لتطويعه للظروف، هل الأبناء قادرون فعلا على الوفاء بمتطلباتهم المعيشية إلى جانب الإعالة الكريمة لأمهم، هل هم قادرون على الإنفاق على زوجاتهم وأبنائهم خاصة إن كانوا في التعليم، وعلى سداد إيجار المنزل أو القسط بالنسبة للمنزل، وللسيارة والأثاث وسداد مصروفات العلاج.. إلخ.
وقد تكون الأم مع هذه الحالة تعيش بمفردها، فما رأي الباحث الاجتماعي إزاء هذا كله، أما زالت لا يمكنها الدخول تحت مظلة الضمان الاجتماعي؟ ألم تكن ثمة مواد في النظام تسمح بحل هذه المشكلة، ولو بحساب صافي ما يتبقى لدى الأبناء من أجر بعد سداد المستلزمات الضرورية؟
إن مسالب التقدير تعوق النظام من بلوغ أهدافه الإنسانية مع مراعاة الفروق الفردية بين الحالات، مع مراعاة الظروف المجتمعية، وما يمر به المجتمع من غلاء في الأسعار الذي يترتب عليه ارتفاع في مستوى المعيشة الأمر الذي يترتب معه من القائمين على نظام الضمان الاجتماعي، وهو نظام تكافلي العمل على اتخاذ إجراءات رفع قيمة المعاش الضماني خاصة للحالات ذات العوز الشديد فضلا عن العمل على تبسيط الإجراءات وفترة البت في الأمر، ومراعاة ألا يتم زوال استحقاق المعاش الضماني إلا بزوال أسبابه، ولا يتم ذلك إلا بناء على بحث اجتماعي جديد يمكن من خلاله التعرف على الظروف الاجتماعية والاقتصادية الجديدة التي طرأت على المستفيد ومطابقتها لما سبق ذكره من مبررات لصرف المعاش.
ولا يغرب عن بالنا أبدا أن الدولة لم تأل جهدا في مد يد العون للحالات التي هي في حاجة، وذلك بوضع النظام والأمر يحتاج من القائمين عليه تطويعه للظروف، والله المستعان.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved