رغم أن فكرة اشتراك مع أكثر من دولة في دستور واحد قد لا تكون مطروحة للتفكير من الأصل في اليابان فإنها تجسدت في أوروبا. فقد اقر زعماء الاتحاد الأوروبي مشروع دستور موحد لدول الاتحاد الخمس والعشرين الأسبوع الماضي.
والحقيقة أن أغلب المراقبين مازالوا ينظرون إلى الاتحاد الأوروبي باعتباره كتلة اقتصادية في المقام الأول مع أنه لا يمكن لأي مراقب مدقق تجاهل اتجاه الأوروبيين إلى التكامل السياسي. وفي هذا الاتجاه يصبح الاتفاق على مشروع الدستور الموحد علامة تاريخية فارقة في مسيرة الوحدة الأوروبية. فوفقاً لهذا الدستور المبدئي يوجد رئيس يمثل الاتحاد الأوروبي إلى جانب وزير خارجية يتولى الواجبات الدبلوماسية المشتركة للاتحاد.
الجانب الآخر من مفهوم الدستور المشترك يتمثل في التقدم في اتجاه عملية ديموقراطية وسلسلة لصنع القرار في الكيان الأوروبي الكبير. ورغم ذلك فإن دستور الاتحاد الأوروبي لن يحل محل دساتير الدول الأعضاء. فسوف تظل دساتير تلك البلاد قائمة لدى كل دولة وفقاً لرؤيتها مع حق سكان هذه الدول الأعضاء في حمل هوية تقول إنهم مواطنون أوروبيون مباشرة دون إظهار هويتهم الأصلية. أما الأمر الجدير بالاهتمام في الدستور الجديد فهو النظام الجديد للتصويت على القرارات سواء خلال الاجتماعات الوزارية أو مؤتمرات القمة. فالنظام الجديد ينص على اتخاذ القرارات بالأغلبية المزدوجة أي بحصول القرار على موافقة 55 في المئة على الأقل من أصوات الدول الأعضاء الخمس والعشرين. إذا قدر للاتحاد الأوروبي تحقيق النجاح في التكامل السياسي كما نجح على الصعيد الاقتصادي فسيضمن هذا الكيان الأوروبي لنفسه قدرا كبيرا من الاستقلال على الصعيدين الدبلوماسي والأمني وظهور قوة يمكنها مواجهة انفراد الولايات المتحدة بالنظام العالمي كقوة عظمى وحيدة. والحقيقة أن الطريق نحو هذا الهدف ليس ممهدا ولا سهلا. ففي بريطانيا كما في العديد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي هناك تردد كبير بشأن الوحدة الأوروبية ودعوات إلى ضرورة إخضاع مسألة هذه الوحدة لاستفتاءات عامة في كل دولة من دول الاتحاد الأوروبي كما حدث مع العملة الأوروبية الموحدة (اليورو).
ورغم ذلك تبقى الحقيقة الأكثر رسوخا وهي أن الدول الأوروبية تتفق على هدف مشترك وهو ضرورة المضي بخطى ثابتة نحو التكامل السياسي بغض النظر عن السنوات التي يحتاجها الوصول إلى هذا الهدف. وهذا الاتفاق يضمن لهذه الدول الوصول إلى الهدف في النهاية.
(أساهي شيمبون) اليابانية
|