ثلاثة تحولات في تاريخ النقود!

يقدم ويزرفورد في هذا الكتاب ثلاثة تحولات عظيمة في تاريخ النقود التي بدأ أولها مع اختراع النقود المعدنية مثل الذهب والفضة في مملكة لايدا منذ ثلاثة آلاف عام، حيث يلقي الضوء على الثورة النقدية التي أثبتت بالدليل القاطع وجود حضارات اليونان والرومان وغيرها.
وظهر ثاني هذه التحولات مع ظهور النقود الورقية المتمثلة في نقود الائتمان المصرفية الخاصة بالعائلة المالكة في عصر النهضة بإيطاليا التي كانت إرهاصاً لبزوغ فجر النظام الرأسمالي العالمي الحديث، الذي جرف الإقطاع وأدى إلى سيطرة الدول الأوروبية على الأمريكتين.
أما بالنسبة للتحول الثالث فقد تمثل في تنبؤات ويزرفورد بأن النقود الورقية سوف تمهد الطريق لقدوم عصر نقود الإنترنت، أو النقد الإلكتروني والمؤسسات المالية التي تدير عملياتها المالية من خلال استخدام الانترنت أو تعمل من خلال أشكال أخرى من التحويلات الإلكترونية المالية.
كما تحدث عن التضخم وهو الداء الذي أصيبت به كثير من البلدان الذي يؤدي إلى أضرار خطيرة تنهش في الاقتصاد وتؤدي إلى انخفاض قيمة النقود وارتفاع الأسعار على نحو جنوني. ويوضح ويزرفورد كيف تلعب الحكومات المحلية دوراً كبيراً في السيطرة على الكم المتداول من النقود للتحكم في مسألة التضخم حيث إن زيادة المعروض منها دون وجود تغطية مناسبة من الموارد يؤدي حتما لحدوث التضخم.
كما يوضح أن النقود قد تطورت في العديد من الأشكال على مدى مئات السنوات، وكيف كان شكلها في عصور الإقطاع عبر الكثير من الطرائف التاريخية.
على سبيل المثال صنعت النقود في عهودها الأولى من الكثير من المواد المثيرة للدهشة واختلف ذلك حسب المكان والزمان الذي استخدمت فيه وكذلك الشعب الذي يستخدمها. ولذلك كانت هناك مصنوعة من الحجارة أو الجبس كما كانت هناك نقوداً خشبية وحديدية ونحاسية وبرونزية وقد اعتمد شكل وخامة النقود على البيئة التي ظهرت فيها ومدى توافر الخامات التي تصنع منها.
ومن الأشياء الطريفة أن هناك نقوداً كانت تصنع من الشيكولاتة على نحو يجعل المرء محتاراً هل يشتري بها شيئاً أم يأكلها وهل كانت قيمتها الفعلية يمكن أن تشتري قطعة شيكولاتة مساوية لها في الوزن أم لا تستطيع ذلك.
ومن الأشياء الطريفة في عالمنا العربي أن الجنيه المصري الورقي منذ نحو خمسين عاماً كان يمكن استبداله بجنيه من الذهب أما الآن فإن الجنيه الذهب يساوي مئات الجنيهات الورقية. وقد اختتم ويزرفورد الحديث عن تاريخ النقود بملاحظة شيقة تقول بأن الفقراء سوف يستخدمون النقود بشكل متزايد في عملياتهم المالية اليومية في حين يزيد اعتماد الطبقات الثرية على الأشكال الإلكترونية للنقود مثل "البطاقات الذكية" والتحويلات المالية عبر الانترنت التي سوف يكون لها نصيب كبير من إقبال أفراد هذه الطبقة، أي أن الفقراء سوف تصبح جيوبهم مليئة بالنقود في حين تصبح جيوب الأثرياء خالية الوفاض.
ومع قدوم القرن الواحد والعشرين، أصبح العالم قرية كونية صغيرة يهيمن عليها عصر النقود الإلكترونية التي سوف تؤدي إلى حدوث الكثير من التغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية.