تاريخ موجز للابتسامة!

تاريخ موجز للابتسامة، يا له من عنوان غريب! هل الابتسام أو الضحك يمكن أن يكون لهما تاريخ؟ وهل يمكن لأحد الكتب جمع هذا التاريخ على نحو موجز يلخص كل ما يخص الابتسامة في تاريخ الجنس البشري؟ يبدو أن أنجوس ترامبل يحاول فعل ذلك من خلال كتابه هذا الذي لا يخلو من تشويق.
يقول المؤلف، مؤرخ الفنون في نظريته الانتقائية التي تحاول تفسير ظاهرة الابتسام من خلال الفن والتاريخ وعبر الثقافات، ان كل الابتسامات ربما تحدث بسب (رد الفعل اللحظي الكيميائي في المخ).
ولكنه لا يكتفي بالتفسير الفسيولوجي أو الكيميائي الذي يحلل ظاهرة الابتسام من الناحية العلمية البحتة وإنما يتابع تاريخ الابتسامة في عصورها المختلفة منذ التعبير عنها في أعمال النحاتين اليونانيين القدامى والوجود السحري لرائعة ليوناردو دافنشي (الموناليزا) إلى المجد الذهبي للرسومات الهولندية والفلمنكية للقرن السابع عشر.
كما أنه يتحدث عن التقدم الهائل في مجالي التصوير الفوتوغرافي وطب الأسنان.
وقد قام ترامبل - خريج جامعه ملبورن ومعهد نيويورك للفنون الجميلة، والنحات بمعرض الفنون بجنوب استراليا والذي يشغل حاليا منصب زميل مدرسة الفنون الجميلة بجامعة ملبورن- بالسفر إلى الشرق ليحاول تفسير الابتسامة الاندونيسية التي غالبا ما أساء الغربيون فهمها، وليقوم بشرح مفصل لتطورات مفهوم الحضارات المختلفة للحجاب باعتباره( الشكل الأكثر وضوحا للتواضع أو نوع من الاختباء) ويقوم أيضاً بمحاولة شرح أحد التقاليد اليابانية الخاصة ب(تسويد الأسنان أو وضع نقوش سوداء عليها) واثر ذلك على شكل الابتسامة اليابانية والتعبير الإنساني.
كما يعالج ترامبل في هذا الكتاب العديد من الجوانب المتصلة بالعلم، مفصلا الآليات الفسيولوجية للابتسامة المتمثلة في تنمية الطفل، وتفسير تألق الأطفال التلقائي وميولهم المختلفة. كما يوضح الآثار السحرية والغامضة للابتسامة. كما قام ترامبل في كتابه الشيق هذا بالمزج بين الفن والشعر والتاريخ وعلم الأحياء في بورتريه فاتن للمعاني المتعددة لابتسامة الإنسان ففسر آراءه بأعمال رمزية من الفن من الرسومات الأوروبية للقرن الثامن عشر والقرن التاسع عشر إلى النسخ الشخصية من الأعمال اليابانية، كما استكشف الفروق الدقيقة في الابتسامة في مجموعة مختلفة من الثقافات والبيئات.
ولكنه يطرح أيضا بعض الأسئلة الرئيسية الهامة حول الجوانب السلوكية والسيكولوجية للابتسام.
وقد تمثلت هذه الأسئلة في: هل تكون الابتسامة شيئا فريدا بالنسبة للجنس البشري، ومتى وكيف تكون ابتسامة المرء أسلوبا من أساليب الاتصال؟ وكيف يعزز الابتسام ارتباطنا ببعضنا البعض؟ وفي هذا الكتاب ينسج ترامبل ثوباً جيداً مسترسلاً ينساب بين حقول المعرفة المختلفة حيث استخدم خبرته ككاتب، ومؤرخ ومفكر في التركيز على الابتسامة ودراستها على نحو واف بما يوضح تأثيرها على حياة الإنسان.