Saturday 26th June,200411594العددالسبت 8 ,جمادى الاولى 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الإصدار الدولى"

الشرق الأوسط وتشابك الخيوط الشرق الأوسط وتشابك الخيوط

النظام العراقي المخلوع لم يكن عدوا لجيرانه فقط، بل كان عدوا لنفسه أيضا من اللحظة التي تمادى فيها في ممارسة تلك السلطة المطلقة التي لم تكن لتؤمن بشيء اسمه: الآخرون. لكن كل هذا لم يكن ليبرر الحرب على العراق، لأنه على مقربة من هناك، كانت الدبابات الإسرائيلية تهدم البيوت الفلسطينية لأجل (حماية أمن إسرائيل)، وكان جيشها يطلق النار عشوائيا على المتظاهرين الفلسطينيين لأجل (أمن إسرائيل).
أمريكا لم تكن معنية بإيقاف شلال الدم في الشرق الوسط، فقد صاغت وثيقة خارطة الطريق بأسلوب رعاة البقر الذي نعرفه جميعا، والذي يعني أن عليك أن تتبع القطيع أو تتهم بأنك (خارج عن القانون)، لهذا كانت فرصة إسرائيل الكبيرة تكمن في أن أمريكا تساندها وبشكل مباشر وعلني، بحيث لأول مرة منذ 1955 يعلن رئيس أمريكي أن (إسرائيل تدافع عن نفسها وعن أمنها) وهي الرسالة التي تعني أن (الضوء الأخضر) متاح لأجل مزيد من العنف والإبادة ضد الفلسطينيين.
هذا أخطر ما ارتكبته الولايات المتحدة، أنها أرادت أن تحمل (الحضارة والرقي) إلى العراق، في نفس الوقت الذي أعلن فيه (أرييل شارون) ألا مكان لشيء اسمه السلام من دون (رأس الفلسطينيين) الذين يسميهم: إرهابيين.. المشكلة تكمن في هذه الحرب التي استمرت أكثر من سنة في العراق، وتكمن في الوقت نفسه في الحرب التي استمرت أكثر من خمسين سنة في الشرق الأوسط، فهذا الخيط يتشابك مع ذاك.. وليس ثمة (خديعة كبرى) ممكنة لأجل سلام مدجج بالسلاح، ولا لأجل سلام مفتعل. هذه هي الحقيقة التي تبقت لنا كي نقرأ نتائجها لأطفالنا الذين يولدون في اتحاد أوروبي يضم دولا لا تعرف الفرق بين (الأورو واليورو)! لن نتكلم الآن عن فضيحة السجون العراقية وعن (ديمقراطية التعذيب) ولا عن (سلطة الأمر الواقع الأمريكية) التي حدّدت خارطة الفوائد والمصالح في العراق، لكننا سنتكلم عن التصاعد الرهيب في وتيرة الإرهاب في المنطقة. ذلك الإرهاب ليست له مطالب مقنعة ولا حقيقية ولكنه في الحقيقة يشكل النتيجة الأولى لما اقترفته الولايات المتحدة في المنطقة، فالعنف الذي جاءت به إلى العراق لا بد أن يخلف عنفا في بلدان أخرى، تسعى الإدارة الأمريكية إلى تصفيتها سياسيا داخل طوفان (الحرب الأهلية) وهو أسلوب أمريكي قديم يسعى اليوم وبشكل حقيقي إلى (حماية أمن إسرائيل).

(لاديبيش دو ميدي) الفرنسية


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved